ما سمع على ما رأى غبيّ ، فلو أنصفت محاسنها التي وصفت ، لأقضمت (١) حبّ القلوب علفا ، وأوردت ماء الشبيبة نطفا ، (٢) واتخذت لها من عذر (٣) الخدود الملاح عذر موشية ، (٤) وعلّلت بصفير ألحان القيان كلّ عشية ، وأنعلت بالأهلّة ، وغطيت بالرياض بدل الأجلّة. (٥)
إلى الرقيق ، (٦) الخليق بالحسن الحقيق ، يسوقه إلى مثوى الرّعاية روقة (٧) الفتيان رعاته ، ويهدي عقيقها من سبجه (٨) أشكالا تشهد للمخترع سبحانه بإحكام مخترعاته ، وقفت ناظر الاستحسان لا يريم ، (٩) لما بهره منظرها الوسيم ، وتخامل الظّليم ، (١٠) وتضاؤل الريم (١١) وأخرس مفوّه (١٢) اللسان ، وهو بملكات البيان ، الحفيظ العليم ، وناب لسان الحال ، عن لسان المقال ، عند الاعتقال ، (١٣) فقال يخاطب المقام الذي أطلعت أزهارها غمائم جوده ، واقتضت اختيارها بركات وجوده : لو علمنا أيها الملك الأصيل ، الذي كرم منه الإجمال والتفصيل ، أن الثّناء يوازيها ، لكلنا لك بكيلك ، أو الشّكر يعادلها ويجازيها ، لتعرّضنا بالوشل (١٤) إلى
__________________
(١) القضم : أكل القضيم ، وهو شعير الدابة ، وأقضم الدابة : قدم لها القضيم.
(٢) النطفة : الماء الصافي ؛ والجمع نطف.
(٣) العذار : خط لحية الغلام ؛ والجمع عذر.
(٤) العذار من اللجام : السيران اللذان يجتمعان عند قفا الفرس ؛ والجمع عذر.
(٥) جل الدابة : ما تغطى به ، والجمع جلال ؛ وجمع جلال : أجلّة.
(٦) الرقيق : الضعف لا صبر له على شدة البرد ، ونحوه.
(٧) الروقة من الغلمان : الملاح منهم ؛ يقال غلمان روقة : أي حسان ، والمفرد رائق.
(٨) السبج : خرز أسود.
(٩) لا يريم : لا يبرح.
(١٠) الظليم : ذكر النعام ؛ وفرس فضالة بن شريك الأسدي.
(١١) الريم : الظبي الخالص البياض.
(١٢) رجل مفوّه : يجيد القول.
(١٣) اعتقل لسانه : حبس ، ولم يقدر على الكلام.
(١٤) الوشل : الماء القليل.