الثقافة العربية بما جمعه وحققه من نصوص جغرافية عربية وأخرى تنتمي إلى أدب الرحلة.
وحول النصّ وأخطاء اللّغة وعمل المحققين وما يجوز وما لا يجوز في التحقيق ، يطرح ابن تاويت سؤالا أساسيّا مهمّا ، ويجيب عنه ، هو : «ما الذي يجب أن نفعل إذا مازلّت بالكاتب القدم ، فأخطأ ، في كتابته ، جادة متن اللّغة ، أو اشتقاقها ، أو أخطأ في الإعراب؟ أنملك أن نعدّل في النصّ ، ونثبته على حسب ما تقرّره القواعد؟ وأين الحصانة التي تتمتع بها نصوص المؤلفين حينذاك؟. والجواب عندي : نعم نملك ذلك ما دام المؤلف قد اختار أن يكتب باللغة الفصيحة ، وتقيّد بقواعدها الصّارمة ، وما دمنا على يقين من أن مخالفته لهذه القواعد لا منفذ في مواطن اختلافها يبيح قبولها أو الإغضاء عنها بوجه.».
ويتساءل المحقق هل إن المؤلف لو كان حيّا وروجع من قبل قارئ بأخطاء ومخالفات في اللغة «كان سيصرّ على خطئه الذي لا يقبل التأويل؟ أم أنّه كان يسارع إلى الاعتذار ، ثم إلى إقامة ما كان قد أخطأ فيه؟».
واستنادا إلى جوابه الخاص عن سؤاله عمد المحقق إلى تدقيق اللّغة وتنقيتها من الأخطاء التي لا لبس فيها ، في المتن ، وأشار إلى الخطأ في الحاشية.
أما في ما يتّصل بالحقائق والموضوعات والمعلومات التاريخيّة التي تتطرّق إليها الرّحلة ، فقد عمد المحقق إلى مقارنتها بالأصول والمصادر التاريخية المعاصرة ، ورجع إلى عشرات المؤلفات التاريخية ليفحص دقّة ابن خلدون في تعامله مع حقائق التاريخ التي لا جدال فيها ، فاستشار هذه الكتب ، واستعان بها «في التنبيه على ما انحرف فيه المؤلف عن الصراط المستقيم».
وقد عارض ابن تاويت نصّ ابن خلدون بأصوله المباشرة ، وحدّد هذه الأصول «في مجموعات تنتسب إلى أصول قديمة الصدور عن المؤلف ، ومتوسطة ، وحديثة ؛ وغير المباشرة ، وهي كتب التراجم والتاريخ وغيرها مما نقل عنها ابن خلدون أو نقلت عنه ، أو تناولت ما تناوله من موضوعات».
وفي ما يتّصل بضبط الأمكنة بين أسمائها القديمة وأسمائه الحديثة عمل على الخرائط العصريّة ، ليحدّد هذه الأماكن ، فابن خلدون شأنه في ذلك شأن كل الرّحالة