ولحق بالسوس ، (١) ثم خاض القفر إلى هؤلاء الأحلاف ، فنزل بينهم مقيما لدعوة الأمير عبد الرحمن. فجاءهم ونزمار مفلتا من حبالة الوزير أبي بكر ، وحرّضهم على ما هم فيه ، ثم بلّغهم خبر السّلطان أحمد بن أبي سالم ، ووزيره محمد بن عثمان ، وجاءهم وافد الأمير عبد الرحمن يستدعيهم ، وخرج من تازى فلقيهم ، ونزل بين أحيائهم ، ورحلوا جميعا إلى إمداد السّلطان أبي العبّاس ، حتى انتهوا إلى صفووى. ثم اجتمعوا جميعا على وادي النجا ، وتعاقدوا على شأنهم ، وأصبحوا من الغد على التعبئة ، كلّ من ناحيته.
وركب الوزير أبو بكر لقتالهم فلم يطق ، وولّى منهزما ، فانحجر بالبلد الجديد ، (٢) وخيّم القوم بكدية العرائس محاصرين له ، وذلك أيام عيد الفطر من خمس وسبعين ، فحاصروها ثلاثة أشهر ، وأخذوا بمخنّقها إلى أن جهد الحصار الوزير ومن معه ، فأذعن للصلح على خلع الصبي المنصوب السعيد ابن السّلطان عبد العزيز ، وخروجه إلى السّلطان أبي العبّاس ابن عمّه ، والبيعة له ، (٣) وكان السّلطان أبو العبّاس ، والأمير عبد الرحمن ، قد تعاهدوا ـ عند الاجتماع بوادي النجا ـ على التعاون والتناصر ، على أن الملك للسّلطان أبي العبّاس بسائر أعمال المغرب ، وأن
__________________
(١) السوس : إقليم واسع خصب ؛ يقع في جنوب مدينة مراكش وراء جبال الأطلس ، ويتخلّله واد عظيم يسمى وادي سوس ، تتفرع منه فروع عدّة ؛ وحول الوادي وفروعه مزارع واسعة ، بها أشجار ونخل. وبإقليم السوس مدن كبيرة ؛ منها تارودانت Taroudant ، وتزنيت Tizit ، وعلى ساحلي البحر المحيط ، حيث مصب وادي سوس ، تقع مدينة أجاديرAgadir. وانظر العبر ٦ / ١٠٠ ، ٢٧٤. أما ياقوت فليس في كلامه عن «سوس» ما يعوّل عليه.
(٢) تسمى أيضا المدينة البيضاء ، وفاس الجديد ، بناها يعقوب بن عبد الحق المريني على وادي فاس ملاصقة ؛ وكان ذلك سنة ٧٦٤ ه. وانظر الاستقصا ٢ / ٢٢ ، العبر ٧ / ١٩٤ ـ ١٩٥.
(٣) الزيادة عن ط.