المعالي أنس. (١) خلّد الله سلطانه ، ونصر جيوشه وأعوانه ـ يخصّ الحضرة السنية السرية ، المظفّرة الميمونة ، المنصورة المصونة ، حضرة السّلطان العالم ، العادل المؤيّد ، المجاهد الأوحد ، أبي العبّاس ، ذخر الإسلام والمسلمين ، عدّة الدنيا والدين ، قدوة الموحدين ، ناصر الغزاة والمجاهدين ، سيف جماعة الشاكرين ، صلاح الدول. لا زالت مملكته بقوّته عامرة ، ومهابته لنفوس الجبابرة قاهرة ، ومعدلته تبوّئه غرفات العزّ في الدنيا والآخرة. سلام صفا ورده وضفا برده ، وثناء فاح ندّه ، ولاح سعده ، ووداد زاد وجده وجاد جدّه.
أما بعد حمد الله الذي جعل القلوب أجنادا مجنّدة ، وأسباب الوداد على البعاد مؤكّدة ، ووسائل المحبّة بين الملوك في كلّ يوم مجدّدة ، والصلاة والسلام على سيّدنا ومولانا محمّد عبده ورسوله ، الذي نصره الله بالرّعب مسيرة شهر وأيّده (٢) وأعلى به منار الدين وشيّده ، وعلى آله وأصحابه الذين اقتفوا طريقه وسؤدده ، صلاة دائمة مؤبّدة. فإننا نوضح لعلمه الكريم ، أن الله ـ وله الحمد ـ جعل جبلتنا الشريفة مجبولة على تعظيم العلم الشّريف وأهله ، ورفعة شأنه ، ونشر أعلامه ، ومحبّة أهله وخدّامه ، وتيسير مقاصدهم وتحقيق أملهم ، والإحسان إليهم ، والتقرّب إلى الله بذلك في السّر والعلانية ، فإن العلماء رضياللهعنهم ورثة الأنبياء وقرّة عين الأولياء ، وهداة خلق الله في أرضه ، لا سيّما من رزقه الله الدراية فيما علمه من ذلك ، وهداه للدخول إليه من أحسن المسالك ، مثل من سطّرنا هذه المكاتبة بسببه : المجلس (٣) السّامي ، الشّيخي ، الأجلّي ، الكبيري ، العالمي ، الفاضلي ، الأثيلي ،
__________________
(١) هو سيف الدين أنص الجركسي العثماني المتوفى سنة ٧٨٣ ه. ترجمته ، وخبر قدومه إلى مصر في العبر ٥ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣ ، والمنهل الصافي ، ورقة ٢٦٩ ب (نسخة دار الكتب).
(٢) يشير إلى حديث الصحيحين : «نصرت بالرعب مسيرة شهر». وانظر «كنوز الحقائق» للمناوي.
(٣) هذا النوع من الحلي والألقاب الخاصة بأرباب الوظائف الدينية ، يأتي في المرتبة الثالثة ؛ فالأولى : درجة «المقر» ، والثانية : درجة «الجناب» ، والثالثة : درجة «المجلس» ؛ ولكل من الدرجات فروع ؛ و «المجلس السامي» أحد فروع درجة «المجلس». وانظر تفصيل القول عن هذه الاستعمالات في صبح الأعشى ٧ / ١٥ ، ١٥٤ ـ ١٥٩.