عوائقهم ، والوصيّة بهم ، وتجهيزهم إليه مكرّمين ، محترمين ، على أجمل الوجوه ، صحبة قاصده الشيخ الصالح ، العارف السّالك الأوحد ، سعد الدين مسعود المكناسي ، الواصل بهذه المكاتبة أعزّه الله ، ويكون تجهيزهم على مركب من مراكب الحضرة العليّة ، مع توصية من بها من البحرية بمضاعفة إكرام المشار إليهم ، ورعايتهم ، والتّأكيد عليهم في هذا المعنى ، وإذا وصل من بها من البحرية ، كان لهم الأمن والإحسان فوق ما في أنفسهم ، ويربي على أملهم ، بحيث يهتمّ بذلك على ما عهد من محبّته ، وجميل اعتماده ، مع ما يتحف به من مراسلاته ، ومقاصده ومكاتباته. والله تعالى يحرسه بملائكته وآياته ، بمنّه ويمنه إن شاء الله.
كتب خامس عشر صفر المبارك من سنة ستّ وثمانين وسبعمائة حسب المرسوم الشريف. الحمد لله وصلواته على سيّدنا محمّد وآله وصحبه وسلّم.
ثم هلك بعض المدرّسين بمدرسة القمحية (١) بمصر ، من وقف صلاح الدين بن أيوب ، فولاني تدريسها مكانه ، (٢) وبينا أنا في ذلك ، إذ سخط السّلطان قاضي المالكية (٣) في دولته ، لبعض النّزعات فعزله ، وهو رابع أربعة بعدد المذاهب ، يدعى كلّ منهم قاضي القضاة ، تمييزا عن الحكّام بالنّيابة عنهم ، لاتّساع خطّة هذا
__________________
(١) كان موقع القمحية بجوار الجامع العتيق (جامع عمرو) بمصر ، وكان موضعها يعرف بدار الغزل ؛ وهو قيسارية كان يباع فيها الغزل ، فهدمها صلاح الدين ، وأنشأ موضعها مدرسة للفقهاء المالكية ، ورتب فيها مدرسين ، وجعل لها أوقافا كانت منها ضيعة بالفيوم تغل فمحا كان مدرسوها يتقاسمونه ، ولذلك صارت لا تعرف إلا بالمدرسة القمحية. خطط المقريزي ٢ / ٣٦٤ بولاق.
(٢) في السلوك (١١٩ ب فاتح) في حوادث سنة ٧٨٦ :
«وفي ٢٥ محرم ، درس شيخنا أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون ، بالمدرسة القمحية بمصر ، عوضا عن علم الدين سليمان البساطي بعد موته ، وحضر معه الأمير الطنبغا الجوباني ، والأمير يونس الدوادار ، وقضاة القضاة والأعيان».
(٣) هو جمال الدين عبد الرحمن بن سليمان بن خير المالكي (٧٢١ ـ ٧٩١). له ترجمة في «رفع الإصر» ١٥٦ ب (نسخة دار الكتب) ، والمنهل الصافي ٢ / ٤٩ ب (نسخة نور عثمانية) ، وتاريخ ابن قاضي شهبة في حوادث سنة ٦٨٧ ، والسلوك (نسخة الفاتح ٤٣٧٩ ورقة ١٢٠ ا).