الاستغفار والسّبحان (١) معلنة بشعار الإيمان ، وازدان جوّها بالقصر والإيوان فالإيوان ، ونظّم دستها بالعزيز ، والظّاهر ، والأمير ، والسّلطان ؛ فما شئت من ملك يخفق العزّ في أعلامه ، وتتوقّد في ليل المواكب نيران الكواكب من أسنّته وسهامه ، ومن أسرة للعلماء تتناول العلم بوعد الصّادق ولو تعلّق بأعنان السّماء ، (٢) وتنير سراجه في جوانب الشّبة المدلهمّة الظّلماء ؛ ومن قضاة يباهون بالعلم والسؤدد عند الانتماء ، ويشتملون الفضائل والمناقب اشتمال الصّمّاء ، (٣) ويفصلون الخصومات برأي يفرق بين اللّبن والماء.
ولا كدولة السّلطان الظّاهر ، والعزيز القاهر ، يعسوب (٤) العصائب والجماهر ، ومطلع أنواع العزّ الباهر ، ومصرّف الكتائب تزري بالبحر الزاخر ، وتقوم بالحجّة للقسيّ على الأهلّة في المفاخر ، سيف الله المنتضى على العدوّ الكافر ، ورحمته المتكفّلة للعباد باللّطف السّاتر ، ربّ التّيجان والأسرّة والمنابر ، والأواوين العالية والقصور الأزاهر ، والملك المؤيّد بالبيض البواتر ، والرّماح الشّواجر ، (٥) والأقلام المرتضعة أخلاف (٦) العزّ في مهود المحابر ، والفيض الربّاني الذي فاق قدرة القادر ، وسبقت به العناية للأواخر ، سيّد الملوك والسلاطين ، كافل أمير المؤمنين ، أبو سعيد أمدّه الله بالنّصر المصاحب ، والسعد المؤازر ، وعرّفه آثار عنايته في الموارد والمصادر ، وأراه حسن العاقبة في الأولى وسرور المنقلب في الآخرة فإنّه لما تناول الأمر بعزائمه وعزمه ، وآوى الملك إلى كنفه العزيز وحزمه ، أصاب شاكلة الرأي عندما سدّد من سهمه ، وأوقع
__________________
(١) السبحان : التسبيح.
(٢) أعنان السماء : نواحيها ، وما اعترض من أقطارها.
(٣) اشتمال الصماء : أن تجلل جسدك بثوبك نحو شملة الأعراب بأكسيتهم ؛ وهي أن يرد الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى ، وعاتقه الأيسر ، ثم يرده ثانية من خلفه على يده اليمنى ، وعاتقه الأيمن فيغطيهما جميعا.
(٤) اليعسوب : أمير النحل.
(٥) الشواجر من الرماح : المتداخلة حين القتال.
(٦) أخلاف الضرع : أطرافه. والكلام على التشبيه.