نائب دمشق ، (١) فواقعه ، وأقام محاصرا له. ووصل إليه كمشبغا (٢) الحموي نائب حلب ، وكان أظهر دعوته في عمله ، وتجهّز للقائه بعسكره ، فلقيه وأزال علله ، فأقام له أبّهة الملك. وبينا هم في الحصار إذ جاء الخبر بوصول منطاش بسلطانه وعساكره لقتالهم ، فلقيهم الظاهر بشقحب ، (٣) فلمّا تراءى الجمعان ، حمل الظاهر على السّلطان أمير حاج وعساكره ففضّهم ، وانهزم كمشبغا إلى حلب ، وسار منطاش في اتّباعه ، فهجم الظاهر على تعبئة أمير حاج ، ففضّها ، واحتاز السّلطان ، والخليفة والقضاة ، ووكل بهم ، واختلط الفريقان ، وصاروا في عمياء في أمرهم ، وفرّ منطاش إلى دمشق ، واضطرب الظاهر أخبتيه ، (٤) ونزل على دمشق محاصرا لها ، وخرج إليه منطاش من الغد فهزمه ، وجمع القضاة والخليفة ، فشهدوا على أمير حاج بالخلع ، وعلى الخليفة بإعادة الظّاهر إلى ملكه ، ورحل إلى مصر فلقيه بالطريق خبر القلعة بمصر ، وتغلّب مماليكه عليها ؛ وذلك أن القلعة لما خلت من السّلطان ومنطاش والحامية ، وكان مماليك السّلطان محبوسين هنالك في مطبق أعدّ لهم ، فتناجوا في التّسوّر منه إلى ظاهره ، والتوثّب على القلعة والملك ، فخرجوا ، وهرب دوادار منطاش الذي كان هنالك بمن كان معه من الحاشية ، وملك مماليك الظاهر القلعة ، ورأسهم مملوكه بطا ، (٥) وساس أمرهم ، وانتظر خبر سلطانه ، فلمّا وصل الخبر بذلك إلى
__________________
(١) الأمير جنتمر التركماني. ورد ذكره في تاريخ ابن إياس ١ / ٣٢٤.
(٢) كمشبغا بن عبد الله الحموي اليلبغاوي الأمير سيف الدين. توفي سنة ٨٠١. المنهل ٢ / ٢٢٣ ا ـ ٢٢٤ ب. (نسخة نور عثمانية).
(٣) شقحب (كجعفر) : موضع قرب دمشق ، نسب إليه جماعة من المحدثين. (تاج العروس).
(٤) كذا في الأصول ، والصحيح : أخبيته.
(٥) الأمير بطا الطولو تمي ، خلع عليه الظاهر برقوق في سنة ٧٩٢ دوادارا ، ثم نائب دمشق ، وليها من قبل أستاذه في ذي القعدة سنة ٧٩٣ إلى أن توفي بها سنة ٧٩٤. (من الدليل الشافي على المنهل الصافي لابن تغرى بردى ورقة ٣٢ ا نسخة قره جلبي رقم ٢٦٦).
وانظر تفصيل ثورة بطا ومن كان معه من المسجونين ، في «العبر» ٥ / ٥٩٣ ـ ٥٩٥.