ووضع هذه المراجع بهذه الصورة لا يدلك على شيء أكثر من أن مدلولات هذه الأسماء في ذهن العلامة بروكلمن متعددة ، وأن هذه الأسماء تقع على مسميات مختلفة.
والكتاب ـ وقد وضحت أصوله ، وثبتت صلته بالمؤلف ، وعرف اسمه ـ نص كتب باللغة العربية الفصحى ، ولهذه اللغة سنن تجري عليه ، وليس يملك الكاتب بها أن يعدوه ، أو يتجاهل ما منعه هذا السنن أو أباحه.
فما الذي يجب أن نفعل إذا مازلّت بالكاتب القدم ، فأخطأ ـ في كتابته ـ جادة متن اللغة ، أو اشتقاقها ، أو أخطأ في الإعراب؟
أنملك أن نعدل في النص ، ونثبته على حسب ما تقرره القواعد؟ وأين الحصانة التي تتمتع بها نصوص المؤلفين حينذاك؟
والجواب ـ عندي ـ نعم نملك ذلك!
نملك ذلك ما دام المؤلف قد اختار أن يكتب باللغة الفصيحة ، وتقيد بقواعدها الصارمة ، وما دمنا على يقين من أن مخالفته لهذه القواعد لا منفذ في مواطن اختلافها يبيح قبولها أو الإغضاء عنها بوجه.
ولنا السند المتين فيما قرره المحدثون ـ منذ القديم البعيد ـ في الحديث تثبت روايته عندهم ، وفيه مخالفة لوضع من أوضاع اللغة (١).
والمؤلفون أنفسهم أذنوا في هذا النوع من التصرف ، ولم يعدوه افتياتا على نصوصهم.
ولو أن المؤلف حي ، وراجعه قارئ من قرائه فيما وقع له في كتابه من مخالفات لأوضاع اللغة التي يكتب بها ، أكان يصر على خطئه الذي لا يقبل التأويل؟ أم إنه كان يسارع إلى الاعتذار ، ثم إلى إقامة ما كان قد أخطأ فيه؟
ولقد أثبت في هذه الحالة النص في الصلب على ما اقتضته قوانين اللغة ، وأثبته في الحاشية على الصورة التي أورده عليها المؤلف ، واضح الدلالة على مدى معرفته باللغة ، وتمثله لقواعدها ، وأن نحس بالمقدار الذي امتصه الجزء الخارج عن بؤرة
__________________
(١) انظر «تدريب الراوي» ص ١٦٤ ـ ١٦٥.