وتلخيص الخبر عن ثورته ، (١) على ما نقله ابن سعيد (٢) عن الحجاري (٣) وابن حيّان (٤) وغيرهما ، وينقلونه عن ابن الأشعث مؤرخ إشبيلية : أن الأندلس لما اضطربت بالفتن أيام الأمير عبد الله تطاول رؤساء إشبيلية إلى الثّورة والاستبداد ، وكان رؤساؤها المتطاولون إلى ذلك في ثلاثة بيوت : بيت بني أبي عبدة ، ورئيسهم يومئذ أميّة بن عبد الغافر بن أبي عبدة ، وكان عبد الرحمن الداخل ولّى أبا عبده إشبيلية وأعمالها ، وكان حافده أمية من أعلام الدولة بقرطبة ، ويولونه الممالك الضخمة. وبيت بني خلدون هؤلاء ، ورئيسهم كريب المذكور ، ويردفه أخوه خالد.
قال ابن حيّان : وبيت بني خلدون إلى الآن في إشبيلية نهاية في النّباهة ، ولم تزل أعلامه بين رياسة سلطانية ورياسة علمية.
ثم بيت بني حجّاج ، ورئيسهم يومئذ عبد الله. قال ابن حيّان : هم ـ يعني بني حجّاج ـ من لخم ، وبيتهم إلى الآن في إشبيلية ثابت الأصل ، نابت الفرع موسوم بالرياسة السّلطانية والعلمية. فلمّا عظمت الفتنة بالأندلس أعوام الثمانين والمائتين ، وكان الأمير عبد الله قد ولّى على إشبيلية أميّة بن عبد الغافر ، وبعث معه ابنه محمدا ، وجعله في كفالته ، فاجتمع هؤلاء النّفر ، وثاروا بمحمّد بن الأمير عبد الله
__________________
(١) تفصيل خبر هذه الثورة في تاريخ ابن خلدون ٤ / ١٣٥.
(٢) علي بن موسى بن سعيد العنسي الغرناطي (٦١٠ ـ ٦٧٣) صاحب كتابي «المغرب» و «المشرق» وغيرهما. يعتمد عليه ابن خلدون كثيرا في النسب والتاريخ.
ترجمته في فوات ابن شاكر ٢ / ١١٢ ، نفح الطيب ١ / ٦٣٤ ـ ٧٠٧ ، ٢ / ٥٣٤ ـ ٥٣٧ حسن المحاضرة ١ / ١١٢.
(٣) أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الحجارى (نسبة إلى وادي الحجارة) الصنهاجي من أهل القرن السابع ألف كتاب «المسهب في غرائب المغرب» ابتدأ به من فتح الأندلس وانتهى إلى سنة ٦٣٠ ، انظر نفح الطيب ١ / ٤٨٣ ، ٢ / ٤٠٦.
(٤) أبو مروان حيان بن خلف بن حسين بن حيان القرطبي (٣٧٧ ـ ٤٦٩) مؤرخ الأندلس بلا جدال. له كتاب «المتين» في التاريخ ، و «المقتبس» في تاريخ الأندلس ، وكتاب «معرفة الصحابة». وفيات ١ / ٢١٠ ، ذخيرة ابن بسام المجلد الثاني من القسم الأول ص ٨٤ ، الإعلان بالتوبيخ ص ١٢٣.