الأندلس من أعمال بلنسية ، (١) أخذ عن مشيخة بلنسية وأعمالها ، وكان إماما في القراءات ، لا يلحق شأوه ، وكان من أشهر شيوخه ففي القراءات السبع أبو العباس أحمد بن محمد البطرني ، (٢) ومشيخته فيها ، وأسانيده معروفة. وبعد أن استظهرت القرآن الكريم من حفظي ، قرأته عليه بالقراءات السبع المشهورة إفرادا وجمعا (٣) في إحدى وعشرين ختمة ، ثم جمعتها في ختمة واحدة أخرى ، ثم قرأت برواية يعقوب (٤) ختمة واحدة جمعا بين الروايتين عنه ، وعرضت عليه رحمهالله قصيدتي الشاطبي (٥) ؛ اللامية في القراءات ، والرائية في الرسم ، وأخبرني بهما عن
__________________
(١) بلنسيةValencia) ، عرضها الشمالي ٣٠ ـ ٣٩ وطولها الغربي ٣٠ ـ ٠) بفتح الباء واللام ، ثم سين مكسورة تليها ياء مفتوحة مدنية شهيرة من مدن شرق الأندلس ياقوت ٢ / ٢٩٧.
(٢) البطرني ضبطه ابن خلدون بالقلم ، وابن ميمون البلوى ، بفتح الباء والطاء المهملة وراء ساكنة بعدها نون ، نسبة إلى بطرنة (Paterna) من إقليم بلنسبة بشرق الأندلس انظر كتاب البيان المغرب ٣ / ٢٥٢.
(٣) الإفراد أن يتلى القرآن كلّه أو جزء منه برواية واحدة لأحد القرّاء السبعة أو العشرة المشهورين ، والجمع أن يجمع القارئ عند قراءة القرآن كلّه أو جزء منه بين روايتين فأكثر من الروايات السبع أو العشر المتواترة ، ويسمّى بالجمع الكبير إن استوفى القارئ سبع قراءات فأكثر ، وإلا سمّوه بالجمع الصغير. ولهم في صفة الجمع وحكمه ، من إباحة وتحريم ، خلاف معروف تجده في (غيث النفع ص ٨ ـ ١٠).
(٤) هو يعقوب بن إسحق بن زيد بن عبد الله الحضرمي البصري (١١٧ ـ ٢٠٥) أحد القراء العشرة ، وله قراءة مشهورة عنه ، وهي إحدى القراءات العشر ، وقد رويت عنه من طريقين : الأولى رواية محمد بن المتوكل المعروف برويس (طبقات القراء ٢ / ١٣٤) ، والثانية عن روح بن عبد المؤمن الهذلي (طبقات القراء ١ / ٢٨٥). وإلى ما ذكر يشير ابن خلدون بقوله «جمعا بين الروايتين عنه».
(٥) هو أبو القاسم ، ويكنى أبا محمد أيضا القاسم بن فيره (بكسر الفاء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ، ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء) بن خلف بن أحمد الشاطبي الرعيني (٢٣٨ ـ ٥٩٠) رحل إلى الشرق ، ودخل القاهرة ، وبها بمدرسة القاضي الفاضل ، نظم قصيدتيه اللامية التي عرفت بالشاطبية ، وبحرز الأماني ، والرائية التي تعرف بالعقيلة. (طبقات القراء ٢ / ٢٠ ، سبكى طبقات ٤ / ٢٩٧ ديباج ص ٢٢٤).