ترادف من حيث الإعراب حينئذ. وقال الزمخشري : فإن قلت : إذا جواب وجزاء معا ، والكلام وقع جوابا لفرعون ، فكيف وقع جزاء؟ قلت : قول فرعون : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ) فيه معنى : إنك جازيت نعمتي بما فعلت ؛ فقال له موسى : نعم فعلتها ، مجازيا لك تسليما لقوله ، كأن نعمته كانت عنده جديرة بأن تجازى بنحو ذلك الجزاء. انتهى. وهذا الذي ذكره من أن إذا جواب وجزاء معا ، هو قول سيبويه ، لكن الشراح فهموا أنها قد تكون جوابا وجزاء معا ، وقد تكون جوابا فقط دون جزاء. فالمعنى اللازم لها هو الجواب ، وقد يكون مع ذلك جزاء. وحملوا قوله : (فَعَلْتُها إِذاً) من المواضع التي جاءت فيها جوابا لآخر ، على أن بعض أئمتنا تكلف هنا كونها جزاء وجوابا ، وهذا كله محرر فيما كتبناه في إذن في شرح التسهيل ، وإنما أردنا أن نذكر أن ما قاله الزمخشري ليس هو الصحيح ، ولا قول الأكثرين.
(وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) ، قال ابن زيد : معناه من الجاهلين ، بأن وكزتي إياه تأتي على نفسه. وقال أبو عبيدة : من الناسين ، ونزع لقوله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) (١). وفي قراءة عبد الله ، وابن عباس : وأنا من الجاهلين ، ويظهر أنه تفسير للضالين ، لا قراءة مروية عن الرسول صلىاللهعليهوسلم. وقال الزمخشري : من الفاعلين فعل أولي الجهل ، كما قال يوسف لإخوته : (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) (٢) أو المخلصين ، كمن يقتل خطأ من غير تعمد للقتل ، أو الذاهبين عن تلك الصفة. انتهى. وقيل : من الضالين ، يعني عن النبوة ، ولم يأتني عن الله فيه شيء ، فليس عليّ فيما فعلته في تلك الحالة توبيخ. ومن غريب ما شرح به أن معنى (وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) ، أي من المحبين لله ، وما قتلت القبطي إلا غيرة لله. قيل : والضلال يطلق ويراد به المحبة ، كما في قوله : (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) (٣) ، أي في محبتك القديمة. وجمع ضمير الخطاب في منكم وخفتكم بأن كان قد أفرد في : تمنها وعبدت ، لأن الخوف والفرار لم يكونا منه وحده ، وإنما منه ومن ملئه المذكورين قبل (أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ فِرْعَوْنَ) ، وهم كانوا قوما يأتمرون لقتله. ألا ترى إلى قوله : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ) (٤). وقرأ الجمهور : لما حرف وجوب لوجوب ، على قول سيبويه ، وظرفا بمعنى حين ، على مذهب الفارسي. وقرأ حمزة في رواية : لما بكسر اللام وتخفيف الميم ، أي يخوفكم. وقرأ عيسى : حكما بضم الكاف ؛ والجمهور : بالإسكان. والحكم : النبوة.
__________________
(١) سورة البقرة ؛ ٢ / ٢٨٢.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٨٩.
(٣) سورة يوسف : ١٢ / ٩٥.
(٤) سورة يوسف : ١٢ / ٨٩.