(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) أي يدفع و (الْعَذابَ) قال الجمهور الحد. وقال أصحاب الرأي لا حد عليها إن لم يلاعن ولا يوجبه عليها قول الزوج. وحكى الطبري عن آخرين أن (الْعَذابَ) هو الحبس ، والظاهر الاكتفاء في اللعان بهذه الكيفية المذكورة في الآية وبه قال الليث ، ومكان ضمير الغائب ضمير المتكلم في شهادته مطلقا وفي شهادتها في قوله عليها تقول عليّ. فقال الثوري وأبو حنيفة ومحمد وأبو يوسف : يقول بعد (مِنَ الصَّادِقِينَ) فيما رماها به من الزنا وكذا بعد من الكاذبين ، وكذا هي بعد من الكاذبين و (مِنَ الصَّادِقِينَ) فإن كان هناك ولد ينفيه زاد بعد قوله فيما رماها به من الزنا في نفي الولد. وقال مالك : يقول أشهد بالله أني رأيتها تزني وهي أشهد بالله ما رآني أزني ، والخامسة تقول ذلك أربعا و (الْخامِسَةُ) لفظ الآية.
وقال الشافعي : يقول أشهد بالله أني لصادق فيما رميت به زوجتي فلانة بنت فلان ، ويشير إليها إن كان حاضرة أربع مرات ، ثم يقعد الإمام ويذكره الله تعالى فإن رآه يريد أن يمضي أمر من يضع يده على فيه ويقول : إن قولك وعليّ لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة من الزنا ، فإن قذفها بأحد يسميه بعينه واحد أو اثنين في كل شهادة ، وإن نفى ولدها زاد وأن هذا الولد ما هو مني ، والظاهر أنه إذا طلقها بائنا فقذفها وولدت قبل انقضاء العدة فنفي الولد أنه يحد ويلحقه الولد لأنه لا ينطلق عليها زوجة إلّا مجازا. وعن ابن عباس : إذا طلقها تطليقة أو تطليقتين ثم قذفها حدّ. وعن ابن عمر : يلاعن. وعن الليث والشافعي : إذا أنكر حملها بعد البينونة لاعن. وعن مالك : إن أنكره بعد الثلاث لاعنها. ولو قذفها ثم بانت منه بطلاق أو غيره فقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه : لا حد ولا لعان. وقال الأوزاعي والليث والشافعي : يلاعن وهذا هو الظاهر لأنها كانت زوجته حالة القذف ، والظاهر من قوله (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ) أنه يلزم ذلك فإن نكل حبس حتى يلاعن وكذلك هي ، وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه.
وقال مالك والحسن بن صالح والليث والشافعي : أيهما نكل حدّ هو للقذف وهي للزنا. وعن الحسن : إذا لاعن وأبت حبست. وعن مكحول والضحاك والشعبي : ترجم ومشروعية اللعان دليل على أن الزنا والقذف ليسا بكفر من فاعلهما خلافا للخوارج في قولهم : إن ذلك كفر من الكاذب منهما لاستحقاق اللعن من الله والغضب. قال الزمخشري : فإن قلت : لم خصت الملاعنة بأن تخمس بغضب الله؟ قلت : تغليظا عليها