للتبيين لقوله : (ما خَلَقَ) ، وإما للتبعيض : أي العضو المخلوق للوطء ، وهو الفرج ، وهو على حذف مضاف ، أي وتذرون إتيان. فإن كان ما خلق لا يراد به العضو ، فلا بد من تقدير مضاف آخر ، أي وتذرون إتيان فروج ما خلق. (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) : أي متجاوزون الحد في الظلم ، وهو إضراب بمعنى الانتقال من شيء إلى شيء ، لا أنه إبطال لما سبق من الإنكار عليهم وتقبيح أفعالهم واعتداؤهم ؛ إما في المعاصي التي هذه المعصية من جملتها ، أو من حيث ارتكاب هذه الفعلة الشنيعة. وجاء تصدير الجملة بضمير الخطاب تعظيما لقبح فعلهم وتنبيها على أنهم هم مختصون بذلك ، كما تقول : أنت فعلت كذا ، أي لا غيرك. ولما نهاهم عن هذا الفعل القبيح توعدوه بالإخراج ، وهو النفي من بلده الذي نشأ فيه ، أي : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) عن دعواك النبوة ، وعن الإنكار علينا فيما نأتيه من الذكران ، لننفينك كما نفينا من نهانا قبلك. ودل قوله : (مِنَ الْمُخْرَجِينَ) على أنه سبق من نهاهم عن ذلك ، فنفوه بسبب النهي ، أو من المخرجين بسبب غير هذا السبب ، كأنه من خالفهم في شيء نفوه ، سواء كان الخلاف في هذا الفعل الخاص ، أم في غيره.
(قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ) : أي للفاحشة التي أنتم تعملونها. ولعملكم يتعلق إما بالقالين ، وإن كان فيه أل ، لأنه يسوغ في المجرورات والظروف ما لا يسوغ في غيرها ، لاتساع العرب في تقديمها ، حيث لا يتقدم غيرها ؛ وإما بمحذوف دل عليه القالين تقديره : إني قال لعملكم ؛ وإما أن تكون للتبيين ، أي لعملكم ، أعني من القالين. وكونه بعض القالين يدل على أنه يبغض هذا الفعل ناس غيره هو بعضهم ، ونبه ذلك على أن هذا الفعل موجب للبغض حتى يبغضه الناس. ومن القالين أبلغ من قال لما ذكرنا من أن الناس يبغضونه ، ولتضمنه أنه معدود ممن يبغضه. ألا ترى إن قولك : زيد من العلماء ، أبلغ من : زيد عالم ، لأن في ذلك شهادة بأنه معدود في زمرتهم. وقال أبو عبد الله الرازي : القلى : البغض الشديد ، كأنه بغض فقلى الفؤاد والكبد. انتهى. ولا يكون قلى بمعنى أبغض. وقلا من الطبخ ؛ والشيء من مادّة واحدة لاختلاف التركيب. فمادة قلا من الشّيء من ذوات الواو ، وتقول : قلوت اللحم فهو مقلو. ومادّة قلى من البغض من ذوات الياء ، قليت الرجل ، فهو مقلي. قال الشاعر :
ولست بمقلي الخلال ولا قال
ولما توعدوه بالإخراج ، أخبرهم ببغض عملهم ، ثم دعا ربه فقال : (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) : أي من عقوبة ما يعملون من المعاصي. ويحتمل أن يكون دعاء لأهله