منافق ومنهم مسلم ، والظاهر أن خبر (إِنَ) هو (عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) و (مِنْكُمْ) في موضع الصفة وقاله. الحوفي وأبو البقاء. و (لا تَحْسَبُوهُ) : مستأنف. وقال ابن عطية (عُصْبَةٌ) رفع على البدل من الضمير في (جاؤُ) وخبر (إِنَ) في قوله و (لا تَحْسَبُوهُ) التقدير أن فعل الذين وهذا أنسق في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون (عُصْبَةٌ) خبر (إِنَ) انتهى. والعصبة : عبد الله بن أبيّ رأس النفاق ، وزيد بن رفاعة ، وحسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم ممن لم يرد ذكر اسمه ، و (لا تَحْسَبُوهُ) خطاب لمن ساءه ذلك من المؤمنين وخصوصا أصحاب القصة. والضمير في (لا تَحْسَبُوهُ) الظاهر أنه عائد على الإفك ، وعلى إعراب ابن عطية. يعول على ذلك المحذوف الذي قدره اسم (إِنَ). قيل : ويجوز أن يعود على القذف وعلى المصدر المفهوم من (جاؤُ) وعلى ما نال المسلمين من الغم ، والمعنى (لا تَحْسَبُوهُ) ينزل بكم منه عار (بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لبراءة الساحة وثواب الصبر على ذلك الأذى وانكشاف كذب القاذفين.
وقيل : الخطاب بلا تحسبوه للقاذفين وكينونة ذلك خيرا لهم حيث كان هذا الذكر عقوبة معجلة كالكفارة ، وحيث تاب بعضهم. وهذا القول ضعيف لقوله بعد : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) أي جزاء ما اكتسب ، وذلك بقدر ما خاض فيه لأن بعضهم ضحك وبعضهم سكت وبعضهم تكلم ، و (اكْتَسَبَ) مستعمل في المآثم ونحوها لأنها تدل على اعتمال وقصد فهو أبلغ في الترتيب وكسب مستعمل في الخير لأن حصوله مغن عن الدلالة على اعتمال فيه ، وقد يستعمل كسب في الوجهين.
(وَالَّذِي تَوَلَّى) كبره المشهور أنه عبد الله بن أبيّ ، والعذاب العظيم عذاب يوم القيامة. وقيل : هو ما أصاب حسان من ذهاب بصره وشل يده ، وكان ذلك من عبد الله بن أبي لإمعانه في عداوة الرسول صلىاللهعليهوسلم وانتهازه الفرص ، وروي عنه كلام قبيح في ذلك نزهت كتابي عن ذكره وقلمي عن كتابته قبحه الله. وقيل : (الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) حسان ، والعذاب الأليم عماه وحده وضرب صفوان له بالسيف على رأسه وقال له :
توقّ ذباب السيف عني فإنني |
|
غلام إذا هوجيت لست بشاعر |
ولكنني أحمي حماي وأتقي |
|
من الباهت الرامي البريء الظواهر |
وأنشد حسان أبياتا يثني فيها على أم المؤمنين ويظهر براءته مما نسب إليه وهي :
حصان رزان ما تزنّ بريبة |
|
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل |
حليلة خير الناس دينا ومنصبا |
|
نبيّ الهدى والمكرمات الفواضل |