والإنشاء ، وجميع معانيه إذا حققت راجعة إلى هذين القسمين. وقال بعد ذلك وقرىء لنبيتنه بالياء والتاء والنون ، فتقاسموا مع النون والتاء يصح فيه الوجهان ، يعني فيه : أي في تقاسموا بالله ، والوجهان هما الأمر والخبر عنده. قال : ومع الياء لا يصح إلا أن يكون خبرا. انتهى. والتقييد بالحال ليس إلا من باب نسبة التقييد ، لا من نسبة الكلام التي هي الإسناد ، فإذا أطلق عليها الخبر ، كان ذلك على تقدير أنها لو لم تكن حالا لجاز أن تستعمل خبرا ، وكذلك قولهم في الجملة الواقعة قبله صلة أنها خبرية هو مجاز ، والمعنى : أنها لو لم تكن صلة ، لجاز أن تستعمل خبرا ، وهذا شيء فيه غموض ، ولا يحتاج إلى الإضمار ، فقد كثر وقوع الماضي حالا بغير قد كثرة ينبغي القياس عليها. وعلى هذا الإعراب ، احتمل أن يكون (بِاللهِ) متعلقا بتقاسموا الذي هو حال ، فهو من صلته ليس داخلا تحت القول. والمقول : (لَنُبَيِّتَنَّهُ) وما بعده احتمل أن يكون هو وما بعده هو المقول.
وقرأ الجمهور : (لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَ) بالنون فيهما ، والحسن ، وحمزة ، والكسائي : بتاء خطاب الجمع ؛ ومجاهد ، وابن وثاب ، وطلحة ، والأعمش : بياء الغيبة ، والفعلان مسندان للجمع ؛ وحميد بن قيس : بياء الغيبة في الأول مسندا للجمع ، أي ليبيتنه ، أي قوم منا ، وبالنون في الثاني ، أي جميعنا يقول لوليه ، والبيات : مباغتة العدو. وعن الإسكندر أنه أشير عليه بالبيات فقال : ليس من عادة الملوك استراق الظفر ، ووليه طالب ثأره إذا قتل. وقرأ الجمهور : مهلك ، بضم الميم وفتح اللام من أهلك. وقرأ حفص : مهلك ، بفتح الميم وكسر اللام ، وأبو بكر : بفتحهما. فأما القراءة الأولى فتحتمل المصدر والزمان والمكان ، أي ما شهدنا إهلاك أهله ، أو زمان إهلاكهم ، أو مكان إهلاكهم. ويلزم من هذين أنهم إذا لم يشهدوا الزمان ولا المكان أن لا يشهدوا الإهلاك. وأما القراءة الثانية فالقياس يقتضي أن يكون للزمان والمكان ، أي ما شهدنا زمان هلاكهم ولا مكانه. والثالثة : تقتضي القياس أن يكون مصدرا ، أي ما شهدنا هلاكه. وقال الزمخشري : وقد ذكروا القراءات. الثلاث ، قال : ويحتمل المصدر والزمان والمكان. انتهى. والظاهر في الكلام حذف معطوف يدل عليه ما قبله ، والتقدير : ما شهدنا مهلك أهله ومهلكه ، ودل عليه قولهم : (لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) ، وما روي أنهم كانوا عزموا على قتله وقتل أهله ، وحذف مثل هذا المعطوف جائز في الفصيح ، كقوله : سرابيل تقيكم الحر ، أي والبرد ، وقال الشاعر :
فما كان بين الخير لو جاء سالما |
|
أبو حجر إلا ليال قلائل |