عطف عليه وتبناه. (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي) بأنه ولدها ، لأنها لم تملك نفسها فرحا وسرورا بما سمعت ، لو لا أنا ظلمنا قلبها وسكّنّا قلقه الذي حدث به من شدة الفرح والابتهاج. (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الواثقين بوعد الله ، لا بتبني فرعون وتعطفه. انتهى. وما ذهب إليه الزمخشري من تجويز كونه فارغا من الهم إلى آخره ، خلاف ما فهمه المفسرون من الآية ، وجواب لو لا محذوف تقديره : لكادت تبدي به ، ودل عليه قوله : (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) ، وهذا تشبيه بقوله : (وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) (١).
(وَقالَتْ لِأُخْتِهِ) ، طمعا منها في التعرف بحاله. (قُصِّيهِ) : أي اتبعي أثره وتتبعي خبره. فروي أنها خرجت في سكك المدينة مختفية ، فرأته عند قوم من حاشية امرأة فرعون يتطلبون له امرأة ترضعه ، حين لم يقبل المراضع ، واسم أخته مريم ، وقيل : كلثمة ، وقيل : كلثوم ، وفي الكلام حذف ، أي فقصت أثره. (فَبَصُرَتْ بِهِ) : أي أبصرته ؛ (عَنْ جُنُبٍ) ، أي عن بعد ؛ (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بتطلبها له ولا بإبصارها. وقيل : معنى (عَنْ جُنُبٍ) : عن شوق إليه ، حكاه أبو عمرو بن العلاء وقال : هي لغة جذام ، يقولون : جنبت إليك : اشتقت. وقال الكرماني : جنب صفة لموصوف محذوف ، أي عن مكان جنب ، يريد بعيد. وقيل : عن جانب ، لأنها كانت تمشي على الشط ، وهم لا يشعرون أنها تقص. وقيل : لا يشعرون أنها أخته. وقيل : لا يشعرون أنه عدو لهم ، قاله مجاهد. وقرأ الجمهور : عن جنب ، بضمتين. وقرأ قتادة : فبصرت ، بفتح الصاد ؛ وعيسى : بكسرها. وقرأ قتادة ، والحسن ، والأعرج ، وزيد بن علي : جنب ، بفتح الجيم وسكون النون. وعن قتادة : بفتحهما أيضا. وعن الحسن : بضم الجيم وإسكان النون. وقرأ النعمان بن سالم : عن جانب ، والجنب والجانب والجنابة والجناب بمعنى واحد. وقال قتادة : معنى عن جنب : أنها تنظر إليه كأنها لا تريده. والتحريم هنا بمعنى المنع ، أي منعناه أن يرضع ثدي امرأة ؛ والمراضع جمع مرضع ، وهي المرأة التي ترضع ؛ أو جمع مرضع ، وهو موضع الرضاع ، وهو الثدي ، أو الإرضاع. (مِنْ قَبْلُ) : أي من أول أمره. وقيل : من قبل قصها أثره وإتيانه على من هو عنده.
(فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ) : أي أرشدكم إلى (أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) ، لكونهم فيهم شفقة ورحمة لمن يكفلونه وحسن تربية. ودل قوله : (وَحَرَّمْنا
__________________
(١) سورة يوسف : آية ٢٤.