والشجرة عناب ، أو عليق ، أو سمرة ، أو عوسج ، أقوال. وأن : يحتمل أن تكون حرف تفسير ، وأن تكون مخففة من الثقيلة. وقرأت فرقة : (إِنِّي أَنَا) ، بفتح الهمزة ، وفي إعرابه إشكال ، لأن إن ، إن كانت تفسيرية ، فينبغي كسر إني ، وإن كانت مصدرية ، تتقدر بالمفرد ، والمفرد لا يكون خبرا لضمير الشأن ، فتخريج هذه القراءة على أن تكون إن تفسيرية ، وإني معمول لمضمر تقديره : إني يا موسى أعلم إني أنا الله.
وجاء في طه : (نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) (١) ، وفي النمل : (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) (٢) ، وهنا : (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ) ، ولا منافاة ، إذ حكى في كل سورة بعض ما اشتمل عليه ذلك النداء. والجمهور : على أنه تعالى كلمه في هذا المقام من غير واسطة. وقال الحسن : ناداه نداء الوحي ، لا نداء الكلام. وتقدم الكلام على نظير قوله : (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) ، ثم أمره فقال : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) ، وهو فتح الجبة من حيث تخرج الرأس ، وكان كم الجبة في غاية الضيق. وتقدّم الكلام على : (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) وفسر الجناح هنا باليد وبالعضد وبالعطاف ، وبما أسفل من العضد إلى الرسغ ، وبجيب مدرعته. والرهب : الخوف ، وتأتي القراءات فيه. وقيل : بفتح الراء والهاء : الكم ، بلغة بني حنيفة وحمير ، وسمع الأصمعي قائلا يقول : اعطني ما في رهبك ، أي في كمك ، والظاهر حمل : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) على الحقيقة.
قال الثوري : خاف موسى أن يكون حدث به سوء ، فأمره تعالى أن يعيد يده إلى جيبه لتعود على حالتها الأولى ، فيعلم موسى أنه لم يكن سوءا بل آية من الله. وقال مجاهد ، وابن زيد : أمره بضم عضده وذراعه ، وهو الجناح ، إلى جنبه ، ليخفف بذلك فزعه. ومن شأن الإنسان إذا فعل ذلك في وقت فزعه أن يقوي قلبه. وقيل : لما انقلبت العصا حية ، فزع موسى واضطرب ، فاتقاها بيده ، كما يفعل الخائف من الشيء ، فقيل له : أدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء لتظهر معجزة أخرى ، وهذا القول بسطه الزمخشري ، لأنه كالتكرار لقوله : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ). وقد قال هو والجناح هنا اليد ، قال : لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر ، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى ، فقد ضم جناحه إليه. وقيل : المعنى إذا هالك أمر لما يغلب من شعاعها ، فاضممها إليك تسكن. وقالت فرقة : هو مجاز أمره بالعزم على ما أمره به ، كما تقول العرب : أشدد
__________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ١١ ـ ١٢.
(٢) سورة النمل : ٢٧ / ٨.