الأمة ، لأنه هو الشهيد عليها ، كما قال : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا؟ وقيل : عدولا وخيارا. والشهيد على هذا اسم الجنس ، والشهيد يشهد على تلك الأمّة بما صدر منها ، وما أجابت به لما دعيت إلى التوحيد ، وأنه قد بلغهم رسالة ربهم. (فَقُلْنا) : أي للملأ ، (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) : أي حجتكم فيما كنتم عليه في الدنيا من الكفر ومخالفة هذا الشهيد ، (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ) ، لا لأصنامهم وما عبدوا من دون الله. (وَضَلَّ عَنْهُمْ) : أي وغاب عنهم غيبة الشيء الضائع ، (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من الكذب والباطل.
وقارون أعجمي : منع الصرف للعجمة والعلمية. وقيل : ومعنى كان من قومه : أي ممن آمن به. قال ابن عطية : وهو إسرائيلي بإجماع. انتهى. واختلف في قرابته من موسى عليهالسلام ، اختلافا مضطربا متكاذبا ، وأولاها : ما قاله ابن عباس أنه ابن عمه ، وهو قارون ابن يصهر بن قاهث ، جد موسى ، لأن النسابين ذكروا نسبه كذلك ، وكان يسمى المنور لحسن صورته ، وكان أحفظ بني إسرائيل للتوراة وأقرأهم ، فنافق كما نافق السامري. (فَبَغى عَلَيْهِمْ) : ذكروا من أنواع بغيه الكفر والكبر ، وحسده لموسى على النبوة ، ولهارون على الذبح والقربان ، وظلمه لبني إسرائيل حين ملكه فرعون عليهم ، ودسه بغيا تكذب على موسى أنه تعرض لها ، وتفضحه بذلك في ملأ من بني إسرائيل ، ومن تكبره أن زاد في ثيابه شبرا. (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ) ، قيل : أظفره الله بكنز من كنوز يوسف عليهالسلام. وقيل : سميت أمواله كنوزا ، إذ كان ممتنعا من أداء الزكاة ، وبسبب ذلك عادى موسى عليهالسلام أول عداوته. وما موصوله ، صلتها إن ومعمولاها. وقال النحاس : سمعت علي بن سليمان ، يعني الأخفش الصغير ، يقول : ما أقبح ما يقوله الكوفيون في الصلات ، أنه لا يجوز أن تكون صلة الذي إن وما عملت فيه ، وفي القرآن : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ). انتهى. وتقدم الكلام في مفاتح في سورة الأنعام ، وقالوا هنا : مقاليد خزائنه. وقال السدي : هي الخزائن نفسها. وقال الضحاك : ظروفه وأوعيته. وقرأ الأعمش : مفاتيحه ، بياء ، جمع مفتاح ، وذكروا من كثرة مفاتحه ما هو كذب ، أو يقارب الكذب ، فلم أكتبه. قال أبو زيد : نؤت بالعمل إذا نهضت به. قال الشاعر :
إذا وجدنا خلفا بئس الخلف |
|
عبدا إذا ما ناء بالحمل وقف |
ويقول : ناء ينوء ، إذا نهض بثقل. قال الشاعر :
تنوء بأحراها فلأيا قيامها |
|
وتمشي الهوينا عن قريب فتبهر |