وقيل : إلى حيث لا أمنع عباده ربي. وقيل : مهاجرا من خالفني من قومي ، متقربا إلى ربي. ونزل إبراهيم قرية من أرض فلسطين ، وترك لوطا في سدوم ، وهي المؤتفكة ، على مسيرة يوم وليلة من قرية إبراهيم عليهماالسلام. (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ) الذي لا يذل من عبده ، (الْحَكِيمُ) الذي يضع الأشياء مواضعها. والضمير في (ذُرِّيَّتِهِ) عائد على إبراهيم. (النُّبُوَّةَ) : إسحاق ، ويعقوب ، وأنبياء بني إسرائيل ، وإسماعيل ، ومحمد خاتمهم ، صلى الله وسلم عليهم أجمعين. (وَالْكِتابَ) : اسم جنس يدخل فيه التوراة ، والزبور ، والإنجيل ، والفرقان.
(وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) : أي في حياته قال مجاهد : نجاته من النار ، ومن الملك الجبار ، والعمل الصالح : والثناء الحسن ، بحيث يتولاه كل أمة وقال ابن جريج : والولد الذي قرت به عينه ، قاله الحسن. وقال السدي : إنه رأى مكانه من الجنة. وقال ابن أبي بردة : ما وفق له من عمل الآخرة. وقال الماوردي : بقاء ضيافته عند قبره ، وليس ذلك لنبي غيره. وقيل : النبوة والحكمة. وقيل : الصلاة عليه إلى آخر الدهر. وانتصب لوطا بإضمار اذكر ، أو بالعطف على إبراهيم ، أو بالعطف على ما عطف عليه إبراهيم. والجمهور : على الاستفهام في أئنكم معا. وقرىء : أنكم على الخبر ، والثاني على الاستفهام. وقال أبو عبيد : وجدته في الإمام بحرف واحد بغير ياء ، ورأيت الثاني بحرفين ، الياء والنون. ولم يأت في قصة لوط أنه دعا قومه إلى عبادة الله ، كما جاء في قصة إبراهيم وقصة شعيب ، لأن لوطا كان من قوم إبراهيم وفي زمانه ، وسبقه إبراهيم إلى الدعاء لعبادة الله وتوحيده ، واشتهر أمره بذلك عند الخلق ، فذكر لوط ما اختص به من المنع من الفحشاء وغيرها. وأما أبراهيم وشعيب فجاءا بعد انقراض من كان يعبد الله ، فلذلك دعوا إلى عبادة الله.
قال الزمخشري : (ما سَبَقَكُمْ بِها) جملة مستأنفة مقررة لفاحشة تلك الفعلة ، كأن قائلا قال : لم كانت فاحشة؟ فقيل : لأن أحدا قبلهم لم يقدم عليها اشمئزازا منها في طباعهم لإفراط قبحها ، حتى قدم عليها قوم لوط لخبث طينتهم ، قالوا : لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط. انتهى. ويظهر أن (ما سَبَقَكُمْ بِها) جملة حالية ، كأنه قال : أتأتون الفاحشة مبتدعين لها غير مسبوقين بها؟ واستفهم أولا وثانيا استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع ، وبين ما تلك الفاحشة المبهمة في قوله : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) ، وإن كانت معينة أنها إتيان الذكور في الأدبار بقوله : (ما سَبَقَكُمْ بِها) ، فقال : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ) : يعني في الأدبار ، (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) : الولد ، بتعطيل الفرج ووطء أدبار الرجال ، أو بإمساك الغرباء