الإنزال على الزرع ، بمعنى أن الزرع يكون ناشئا عن الإنزال ، فكأن الإنزال مشتمل عليه ، وهذا على مذهب من يقول : الأول يشتمل على الثاني. وقال المبرد : الثاني السحاب ، ويحتاج أيضا إلى حرف عطف حتى يمكن تعلق الحرفين بمبلسين. وقال علي بن عيسى : من قبل الإرسال. وقال الكرماني : من قبل الاستبشار ، لأنه قرنه بالإبلاس ، ولأنه منّ عليهم بالاستبشار. انتهى. ويحتاج قوله وقول ابن عيسى إلى حرف العطف ، فإن ادعى في قوله من جعل الضمير في من قبله عائد إلى غير إنزال الغيث أن حرف العطف محذوف ، أمكن ، لكن في حذف حرف العطف خلاف ، أينقاس أم لا ينقاس؟ أما حذفه مع الجمل فجائز ، وأما وحده فهو الذي فيه الخلاف.
وقرأ الحرميان ، وأبو عمرو ، وأبو بكر : إلى أثر ، بالإفراد ؛ وباقي السبعة : بالجمع ؛ وسلام : بكسر الهمزة وإسكان الثاء. وقرأ الجحدري ، وابن السميفع ، وأبو حيوة : تحيي ، بالتاء للتأنيث ، والضمير عائد على الرحمة. وقال صاحب اللوامح : وإنما أنث الأثر لاتصاله بالرحمة إضافة إليها ، فاكتسب التأنيث منها ، ومثل ذلك لا يجوز إلا إذا كان المضاف بمعنى المضاف إليه ، أو من سببه. وأما إذا كان أجنبيا ، فلا يجوز بحال. انتهى. وقرأ زيد بن علي : نحيي ، بنون العظمة ؛ والجمهور : (يُحْيِ) ، بياء الغيبة ، والضمير لله ، ويدل عليه قراءة (آثارِ) بالجمع ، وقيل : يعود على أثر في قراءة من أفرد. وقال ابن جني : (كَيْفَ يُحْيِ) جملة منصوبة الموضع على الحال حملا على المعنى ، كأنه قال : محييا ، وهذا فيه نظر. (إِنَّ ذلِكَ) : أي القادر على إحياء الأرض بعد موتها ، هو الذي يحيي الناس بعد موتهم. وهذا الإخبار على جهة القياس في البعث ، والبعث من الأشياء التي هو قادر عليها تعالى.
(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً) : أخبر تعالى عن حال تقلب ابن آدم ، أنه بعد الاستبشار بالمطر ، بعث الله ريحا ، فاصفر بها النبات. لظلوا يكفرون قلقا منهم ، والريح التي تصفر النبات صر حرور ، وهما مما يصبح به النبات هشيما ، والحرور جنب الشمال إذا عصفت. والضمير في (فَرَأَوْهُ) عائد على ما يفهم من سياق الكلام ، وهو النبات. وقيل : إلى الأثر ، لأن الرحمة هي الغيث ، وأثرها هو النبات. ومن قرأ : آثار ، بالجمع ، رجع الضمير إلى آثار الرحمة ، وهو النبات ، واسم النبات يقع على القليل والكثير ، لأنه مصدر سمي به ما ينبت. وقال ابن عيسى : الضمير في (فَرَأَوْهُ) عائد على السحاب ، لأن السحاب إذا اصفر لم يمطر ؛ وقيل : على الريح ، وهذان قولان ضعيفان. وقرأ صباح بن حبيش : مصفارا ، بألف