المضمر تنبيها على الوصف الذي ترتب لهن به الأجر العظيم ، وهو الإحسان ، كأنه قال : أعدلكن ، لأن من أراد الله ورسوله والدار الآخرة كان محسنا. وقراءة حميد الخراز : (أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَ) ، بالرفع على الاستئناف ؛ والجمهور : بالجزم على جواب الأمر ، أو على جواب الشرط ، ويكون (فَتَعالَيْنَ) جملة اعتراض بين الشرط وجزائه ، ولا يضر دخول الفاء على جملة الاعتراض ، ومثل ذلك قول الشاعر :
واعلم فعلم المرء ينفعه |
|
إن سوف يأتي كل ما قدرا |
ثم نادى نساء النبي ، ليجعلن بالهن مما يخاطبن به ، إذا كان أمرا يجعل له البال. وقرأ زيد بن علي ، والجحدري ، وعمرو بن فائد الأسواري ، ويعقوب : تأت ، بتاء التأنيث ، حملا على معنى من ؛ والجمهور : بالياء ، حملا على لفظ من. (بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) : كبيرة من المعاصي ، ولا يتوهم أنها الزنا ، لعصمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، من ذلك ، ولأنه وصفها بالتبيين والزنا مما يتستر به ، وينبغي أن تحمل الفاحشة على عقوق الزوج وفساد عشرته. ولما كان مكانهن مهبط الوحي من الأوامر والنواهي ، لزمهن بسبب ذلك. وكونهن تحت الرسول أكثر مما يلزم غيرهن ، فضوعف لهن الأجر والعذاب. وقرأ نافع ، وحمزة ، وعاصم ، والكسائي : (يُضاعَفْ) ، بألف وفتح العين ؛ والحسن ، وعيسى ، وأبو عمرو : بالتشديد وفتح العين ؛ والجحدري ، وابن كثير ، وأبو عامر : بالنون وشد العين مكسورة ؛ وزيد بن علي ، وابن محيصن ، وخارجة ، عن أبي عمرو : بالألف والنون والكسر ؛ وفرقة : بياء الغيبة والألف والكسر. ومن فتح العين رفع (الْعَذابُ) ، ومن كسرها نصبه. (ضِعْفَيْنِ) : أي عذابين ، فيضاف إلى عذاب سائر الناس عذاب آخر. وقال أبو عبيدة ، وأبو عمرو فيما حكى الطبري عنهما : إنه يضاف إلى العذاب عذابان ، فتكون ثلاثة. وكون الأجر مرتين بعد هذا القول ، لأن العذاب في الفاحشة بإزاء الأجر في الطاعة. (وَكانَ ذلِكَ) : أي تضعيف العذاب عليهن ، (عَلَى اللهِ يَسِيراً) : أي سهلا ، وفيه إعلام بأن كونهن نساء ، مع مقارفة الذنب ، لا يغني عنهن شيئا ، وهو يغني عنهن ، وهو سبب مضاعفة العذاب.
(وَمَنْ يَقْنُتْ) : أي يطع ويخضع بالعبودية لله ، وبالموافقة لرسوله. وقرأ الجمهور : ومن يقنت بالمذكر ، حملا على لفظ من ، وتعمل بالتاء حملا على المعنى. (نُؤْتِها) : بنون العظمة. وقرأ الجحدري ، والأسواري ، ويعقوب ، في رواية : ومن تقنت بتاء التأنيث ، حملا على المعنى ، وبها قرأ ابن عامر في رواية ، ورواها أبو حاتم عن أبي جعفر وشيبة ونافع. وقال ابن خالويه : ما سمعت أن أحدا قرأ : ومن يقنت ، إلا بالتاء. وقرأ السلمي ،