قديم لا يوصف بأنه مفعول ، ويحتمل على بعد أن يكون الأمر واحد الأمور التي شأنها أن تفعل. وقال الزمخشري : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) الذي يريد أن يكونه ، (مَفْعُولاً) : مكونا لا محالة ، وهو مثل لما أراد كونه من تزويج رسول الله صلىاللهعليهوسلم زينب. ويجوز أن يراد بأمر الله المكون ، لأنه مفعول يكن. ولما نفى الحرج عن المؤمنين فيما ذكر ، واندرج الرسول فيهم ، إذ هو سيد المؤمنين ، نفى عنه الحرج بخصوصه ، وذلك على سبيل التكريم والتشريف ، ونفى الحرج عنه مرتين ، إحداهما بالاندراج في العموم ، والأخرى بالخصوص.
(فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) ، قال الحسن : فيما خص به من صحة النكاح بلا صداق. وقال قتادة : فيما أحل له. وقال الضحاك : في الزيادة على الأربع ، وكانت اليهود عابوه بكثرة النكاح وكثرة الأزواج ، فرد الله عليهم بقوله : (سُنَّةَ اللهِ) : أي في الأنبياء بكثرة النساء ، حتى كان لسليمان ، عليهالسلام ، ثلاثمائة حرة وسبعماية سرية ، وكان لداود مائة امرأة وثلاثمائة سرية. وقيل : الإشارة إلى أن الرسول جمع بينه وبين زينب ، كما جمع بين داود وبين التي تزوجها بعد قتل زوجها. وانتصب (سُنَّةَ اللهِ) على أنه اسم موضوع موضع المصدر ، قاله الزمخشري ؛ أو على المصدر ؛ أو على إضمار فعل تقديره : ألزم أو نحوه ، أو على الإغراء ، كأنه قال : فعليه سنة الله. قال ابن عطية : وقوله : أو على الإغراء ، ليس بجيد ، لأن عامل الاسم في الإغراء لا يجوز حذفه ، وأيضا فتقديره : فعليه سنة الله بضمير الغيبة ، ولا يجوز ذلك في الإغراء ، إذ لا يغرى غائب. وما جاء من قولهم : عليه رجلا ، ليسنى له تأويل ، وهو مع ذلك نادر. و (الَّذِينَ خَلَوْا) : الأنبياء ، بدليل وصفهم بعد قوله : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ). (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) : أي مأموراته ، والكائنات من أمره ، فهي مقدورة. وقوله : (قَدَراً) : أي ذا قدر ، أو عن قدر ، أو قضاء مقضيا وحكما مثبوتا. و (الَّذِينَ) : صفة للذين خلوا ، أو مرفوع ، أو منصوب على إضمارهم ، أو على أمدح. وقرأ عبد الله : الذين بلغوا ، جعله فعلا ماضيا. وقرأ أبي : رسالة الله على التوحيد ؛ والجمهور : يبلغون رسالات جمعا. (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) : أي محاسبا على جميع الأعمال والعقائد ، أو محسبا : أي كافيا.
ثم نفى تعالى كون رسوله (أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) ، بينه وبين من تبناه من حرمة الصهارة والنكاح ما يثبت بين الأب وولده. هذا مقصود هذه الجملة ، وليس المقصود أنه لم يكن له ولد ، فيحتاج إلى الاحتجاج في أمر بنيه بأنهم كانوا ماتوا ، ولا في أمر الحسن