من قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) ، دخول العبيد والإماء دون ما ملك غيرهن. وقيل : مخصوص بالإماء ، وقيل : جميع العبيد ممن في ملكهن أو ملك غيرهن. وقال النخعي : يباح لعبدها النظر إلى ما يواريه الدرع من ظاهر بدنها ، وإذا كان للعبد المكاتب ما يؤدي ، فقد أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بضرب الحجاب دونه ، وفعلته أم سلمة مع مكاتبها نبهان.
(وَاتَّقِينَ اللهَ) : أمر بالتقوى وخروج من الغيبة إلى الخطاب ، أي واتقين الله فيما أمرتن به من الاحتجاب ، وأنزل الله فيه الوحي من الاستتار ، وكأن في الكلام جملة حذفت تقديره : اقتصرن على هذا ، واتقين الله فيه أن تتعدينه إلى غيره. ثم توعد بقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) ، من السر والعلن ، وظاهر الحجاب وباطنه ، وغير ذلك. (شَهِيداً) : لا تتفاوت الأحوال في علمه. وقرأ الجمهور : (وَمَلائِكَتَهُ) نصبا ؛ وابن عباس ، وعبد الوارث عن أبي عمرو : رفعا. فعند الكوفيين غير الفراء هو عطف على موضع اسم إن ، والفراء يشترط خفاء إعراب اسم إن. وعند البصريين هو على حذف الخبر ، أي يصلي على النبي ، وملائكته يصلون ، وتقدم الكلام على كيفية اجتماع الصلاتين في قوله : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ). فالضمير في (يُصَلُّونَ) عائد على (اللهَ وَمَلائِكَتَهُ) ، وقيل : في الكلام حذف ، أي يصلي وملائكته يصلون ، فرارا من اشتراك الضمير ، والظاهر وجوب الصلاة والسلام عليه ، وقيل : سنة. وإذا كانت الصلاة واجبة فقيل : كلما جرى ذكره قيل في كل مجلس مرة. وقد ورد في الحديث في الصلاة عليه ، فضائل كثيرة.
وروي أنه لما نزلت هذه الآية قال قوم من الصحابة : السلام عليك يا رسول الله عرفناه ، فكيف نصلي عليك قال : «قولوا اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وارحم محمدا وآل محمد ، كما رحمت وباركت على إبراهيم ، في العالمين إنك حميد مجيد». وفي بعض الروايات زيادة ونقص. (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ، قال ابن عباس : نزلت في الذين طعنوا عليه حين اتخذ صفية بنت حيي زوجا. انتهى. والطعن في تأمير أسامة بن زيد : أن إيذاءه عليهالسلام ، وإيذاء الله والرسول فعل ما نهى الله ورسوله عنه من الكفر والمعاصي ، وإنكار النبوة ومخالفة الشرع ، وما يصيبون به الرسول من أنواع الأذى. ولا يتصور الأذى حقيقة في حق الله ، فقيل : هو على حذف مضاف ، أي يؤذون أولياء الله ، وقيل : المراد يؤذون رسول الله ، وقيل : في أذى