أي : تسليت عنكم طرا ، أي جميعا. وقد جاء تقديم الحال على صاحبها المجرور وعلى ما يتعلق به ، ومن ذلك قول الشاعر :
مشغوفة بك قد شغفت وإنما |
|
حتم الفراق فما إليك سبيل |
وقال آخر :
غافلا تعرض المنية للمر |
|
ء فيدعى ولات حين إباء |
أي : شغفت بك مشغوفة ، وتعرض المنية للمرء غافلا. وإذا جاز تقديمها على المجرور والعامل ، فتقديمها عليه دون العامل أجوز ، وعلى أن كافة حال من الناس ، حمله ابن عطية وقال : قدمت للاهتمام والمنقول عن ابن عباس قوله : أي إلى العرب والعجم وسائر الأمم ، وتقدير إلى الناس كافة. انتهى. وقول الزمخشري : وكم ترى ممن يرتكب هذا الخطأ ، إلى آخر كلامه ، شنيع. لأن قائل ذلك لا يحتاج إلى أن يتأول اللام بمعنى إلى ، لأن أرسل يتعدى بإلى ويتعدى باللام ، كقوله : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) (١). ولو تأول اللام بمعنى إلى ، لم يكن ذلك خطأ ، لأن اللام قد جاءت بمعنى إلى ، وإلى قد جاءت بمعنى اللام ، وأرسل مما جاء متعديا بهما إلى المجرور. ثم حكى تعالى مقالتهم في الاستهزاء بالبعث ، واستعجالهم على سبيل التكذيب ، ولم يجابوا بتعيين الزمان ، إذ ذاك مما انفرد تعالى بعلمه ، بل أجيبوا بأن ما وعدوا به لا بد من وقوعه ، وهو ميعاد يوم القيامة ، وتقدم الكلام على مثل هذه الجملة ، ويجوز أن يكون سؤالهم عما وعدوا به من العذاب في الدنيا واستعجلوا به استهزاء منهم. وقال أبو عبيد : الوعد والوعيد والميعاد بمعنى. وقال الجمهور : الوعد في الخير ، والوعيد في الشر ، والميعاد يقع لهذا. والظاهر أن الميعاد اسم على وزن مفعال استعمل بمعنى المصدر ، أي قل لكم وقوع وعد يوم وتنجيزه. وقال الزمخشري : الميعاد ظرف الوعد من مكان أو زمان ، وهو هاهنا الزمان ، والدليل عليه قراءة من قرأ ميعاد يوم فأبدل منه اليوم. انتهى. ولا يتعين ما قال ، إذ يكون بدلا على تقدير محذوف ، أي قل لكم ميعاد يوم ، فلما حذف أعرب ما قام مقامه بإعرابه.
وقرأ الجمهور : (مِيعادُ يَوْمٍ) بالإضافة. ولما جعل الزمخشري الميعاد ظرف زمان قال : أما الإضافة فإضافة تبيين ، كما تقول : سحق ثوب وبعير سانية. وقرأ ابن أبي عبلة ، واليزيدي : ميعاد يوما بتنوينهما. قال الزمخشري : وأما نصب اليوم فعلى التعظيم بإضمار
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٧٩.