إيمان. قال ابن عطية : يحتمل أن يريد كفر هذه النعم إذا وقعت ويكون الفسق على هذا غير مخرج عن الملة. قيل : ظهر في قتلة عثمان.
وقال الزمخشري : (وَمَنْ كَفَرَ) يريد كفران النعمة كقوله (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) (١) (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي هم الكاملون في فسقهم حيث كفروا تلك النعمة العظيمة. والظاهر أن قوله (وَأَقِيمُوا) التفات من الغيبة إلى الخطاب ويحسنه الخطاب في منكم. وقال الزمخشري : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) معطوف على (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) وليس ببعيد أن يقع بين المعطوف والمعطوف عليه. فاصل. وإن طال لأن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه وكررت طاعة الرسول توكيدا لوجوبها انتهى.
وقرأ الجمهور (لا تَحْسَبَنَ) بتاء الخطاب والتقدير ، (لا تَحْسَبَنَ) أيها المخاطب ولا يندرج فيه الرسول ، وقالوا : هو خطاب للرسول وليس بجيد لأن مثل هذا الحسبان لا يتصوّر وقوعه فيه عليهالسلام. وقرأ حمزة وابن عامر لا يحسبن بالياء للغيبة ، والتقدير لا يحسبن حاسب ، والرسول لا يندرج في حاسب وقالوا : يكون ضمير الفاعل للرسول لتقدم ذكره في (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) قاله أبو عليّ والزمخشري وليس بجيد لما ذكرناه في قراءة التاء. وقال النحاس : ما علمت أحدا من أهل العربية بصريا ولا كوفيا إلّا وهو يخطئ قراءة حمزة ، فمنهم من يقول : هي لحن لأنه لم يأت إلّا بمفعول واحد ليحسبن ، وممن قال هذا أبو حاتم انتهى. وقال الفرّاء : هو ضعيف وأجازه على حذف المفعول الثاني وهو قول البصريين تقديره أنفسهم. و (مُعْجِزِينَ) المفعول الثاني.
وقال عليّ بن سليمان : (الَّذِينَ كَفَرُوا) في موضع نصب قال : ويكون المعنى ولا يحسبن الكافر (الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ). وقال الكوفيون : (مُعْجِزِينَ) المفعول الأول. و (فِي الْأَرْضِ) الثاني قيل : وهو خطأ وذلك لأن ظاهر في (الْأَرْضِ) تعلقه بمعجزين ، فلا يكون مفعولا ثانيا. وخرج الزمخشري ذلك متبعا قول الكوفيين. فقال (مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) هما المفعولان والمعنى لا يحسبن الذين كفروا أحدا يعجز الله في الأرض حتى يطمعوا لهم في مثل ذلك ، وهذا معنى قوي جيد انتهى. وقال أيضا : يكون الأصل : لا يحسبنهم (الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ) ثم حذف الضمير الذي هو المفعول الأول ، وكان الذي سوغ ذلك أن الفاعل والمفعولين لما كانت كالشيء الواحد اقتنع بذكر اثنين عن ذكر الثالث انتهى. وقد رددنا هذا التخريج في آل عمران في قوله
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ١١٢.