إماراتها الموجودة في العراق ، أما في القرن التاسع عشر فقد سعت إيران بكل ما تملك من قوة لبسط نفوذها في كربلاء ، وعلى سبيل المثال في الربع الأول من هذا القرن كانت سياسة الشاه فتح على شاه (وفاة ١٨٣٤ م) وابنه الشاه محمد (١٨٣٤ ـ ١٨٤٨ م) تتمثل في كسب انتصارات لصالح إيران على الحدود العثمانية. أما في عام ١٨٤٨ م جلس على عرش إيران الشاه ناصر الدين الذي استمرت سلطنته فترة طويلة ، وكانت سياسة هذا الشاه تتمثل في الاستفادة التامة من المنافسة الإنجليزية الروسية ، وكانت أول استفادة لإيران من تلك المنافسة قد تمت في خليج البصرة أي في جبهة بغداد من الدولة العثمانية ، وعلى هذا فقد كان الشاه ناصر الدين هو أحسن من استخدم كربلاء والعتبات المقدسة الأخرى الموجودة في بغداد لمصالحه السياسية (١).
أما التغيير الثاني الذي أثر على الظروف السياسية في العراق في القرن التاسع عشر هو نشاطات الأوروبيين هناك ، وقد أسفر هذا الوضع عن نتيجتين : الأولى : ظهور إمارات العشائر التقليدية في المنطقة أو إعطاء الفرصة لهم لتقوية أنفسهم هذا الأمر الذي يخص الدولتين.
الثانية : عمل الأوروبيون على تشكيل ضغط وتدخل سياسي مباشر لتقوية تلك الإمارات العشائرية التقليدية وحثها على التدخل في شؤون المنطقة ، وكانت أوروبا تقوم بهذه التدخلات السياسية تحت مسمى النشاطات التجارية ، إلا أن تلك النشاطات لم تكن مقصورة على التجارة بل كانت تمتد إلى المجال العسكري والسياسي أحيانا (٢).
وعند النظر إلى المؤثرات الأوروبية في كربلاء سنجد تغيرا في شكل العلاقات بين الدولة العثمانية وإيران ، وقد استمرت تلك العلاقات
__________________
(١) Mehmet Saray, Turk ـ Iran Iliskilerinde Siiligin Rolu, Ankara ٠٩٩١, s. ٦٦ ـ ٧٦.
(٢) Salibi ,a.g.m.,s.٤٧.