سعت إيران لاستخدام القصبات المقدسة وعلى رأسها كربلاء كقاعدة لها لتنفيذ سياستها هذه على أكمل وجه في كل أرجاء العراق. إن سياسة المركزية وعملية الاصلاحات التي سعت الحكومة العثمانية لتطبيقها في العراق أدت إلى ظهور ردود فعل من أهالي المنطقة ، فقد وجدت إيران المناخ مهيأ للاستمرار في نشاطات التشيع التي تقوم بها في المنطقة (١).
هذا بالإضافة إلى أن السياسات الخاطئة التي استخدمت في عهد ولاية علي رضا باشا كانت عاملا مؤثرا في ظهور حادثة كربلاء ، فقد قام علي رضا باشا بتضييق مجالات التحرك على العشائر الموجودة في العراق ليتمكن من جعلهم تحت سيطرته ، وقد شملت تلك الحركة العشائر التي تعيش بين الموصل وبغداد والتي كانت تثير المشاكل بشكل دائم في العراق ، وبسبب المساعي التي تمت في شمال العراق أهمل جنوب العراق ، وظهرت أحداث غير مرغوب فيها هناك ، وهنا بدأت إيران تسعى بشكل مكثف إلى تقوية نفوذها في النجف وكربلاء مستفيدة من الفراغ السياسي الذي حدث في جنوب العراق (٢).
وإذا ما أردنا أن نعطي نموذجا يظهر لنا مدى إهمال منطقة جنوب العراق في عهد ولاية علي رضا باشا ، نقول إنه قد غضّ الطرف عن الأحداث التي كان صافوق ابن الشيخ فارس الجربا شيخ عشيرة شمر سببا فيها ، والتي قام بها مستفيدا من حالة الفراغ السياسي الذي أحدثه الوالي في المنطقة ، وعندما تقرر عزل داود باشا وتعيين علي رضا باشا مكانه ، شعر علي رضا باشا بأنه في حاجة إلى جلب العشائر الموجودة في المنطقة لجانبه ، وبمجرد ما سمع الشيخ صافوق الذي كان موجودا في تلك الفترة في منطقة الجزيرة بمهمة علي رضا باشا ، جمع رجاله وهجم
__________________
(١) Hitti ,a.g.e.,II ,١٩٣.
(٢) BOA I.MSM ١٣٨١ ,Lef : ١٢.a.