وكانت التنظيمات الإدارية أهم نقطة في المساعي التي قامت بها الحكومة العثمانية أثناء تأسيسها الإمبراطورية من جديد بسياسة المركزية وإصلاحات التنظيمات ، وقد اتّخذ نفس الإجراء في كربلاء التابعة لبغداد ، إلا أن هذه الفترة مرت ببطء إلى حدّ ما ، لأننا ذكرنا قبل ذلك أن المنطقة الموجودة بها كربلاء كان بها ثلاثة مؤثرات هامة لعبت دورا في تأخير الشعور بقوة السلطة العثمانية في القرن التاسع عشر ، أو كانت سببا في إضعاف السلطة العثمانية في تلك النواحي ، وأول تلك المؤثرات التنافس بين الدولتين العثمانية والإيرانية ومحاولة الدولتين بسط نفوذهما في المنطقة ، الثاني أهداف الدول الأوروبية في خليج البصرة ، الثالث : النشاطات الاستعمارية المؤقتة لمصر التي كانت تبتعد عن الدولة العثمانية شيئا فشيئا (١) ، وكانت الضغوط الناتجة عن المؤثرات الثلاثة في المنطقة سببا في ظهور بعض الثورات ضد الدولة في كربلاء ، وسعت الدولة للقضاء بشكل حاسم وسريع على تلك الثورة التي ظهرت في كربلاء بغية التضييق على الضغط الحاصل.
وسعت الدولة في الفترة التي أعقبت أحداث كربلاء عام ١٨٤٣ م وحتى معاهدة أرضروم عام ١٨٤٧ م إلى الاضطلاع ببعض المساعي لتعويض الأهالي الذين تضرروا كثيرا من التنظيمات الإدارية الجديدة ، ولكسب الأهالي في صفّ الدولة مرة أخرى. وكان لتأخر تطبيق التنظيمات في بغداد دوره في تأخر تطبيقها أيضا في كربلاء ، إلا أنه كانت توجد بعض المساعي اللازم عملها في كربلاء دون انتظار لبغداد ، وذلك بسبب بعض المسائل الهامة في كربلاء ، وكان يأتي على رأس تلك
__________________
(١). ٧٤.Salibi ,a.g.m.,s