استمرت جهود مدحت باشا العمرانية في ولاية بغداد ثلاثة أعوام متصلة بلا انقطاع ، فقد أدرك مدحت باشا جيدا الأهمية الاستراتيجية لخط تلغراف حلب ـ الموصل ـ بغداد ـ البصرة ، وتمت أول مساع بخصوص الاتصالات في كربلاء ومنطقة العراق على يد الإنجليز ، فقد كان الإنجليز يفكرون في مد خطوط التلغراف من الهند إلى البصرة من تحت البحر ، ومن البصرة إلى بغداد من تحت نهر دجلة ، وقامت شركة الهند الشرقية الإنجليزية بمد خط التلغراف إلى سوريا عبر خليج البصرة عام ١٨٥٧ م ، إلا أن الدولة العثمانية كانت هي مالكة الخط بموجب الاتفاقية الموقعة.
وفي عام ١٨٦٠ م وفي ولاية أحمد توفيق باشا أسست إدارة للتلغراف في بغداد ، وفي العام التالي مد ـ ولأول مرة ـ خط تلغراف بين استانبول وبغداد ، أما خطوط تلغراف منطقة البصرة وبغداد والتي بدأت عام ١٨٦٣ م ، فقد انتهى العمل فيها عام ١٨٦٥ م ، وقد توسعت خطوط التلغراف التي تم الانتهاء منها عام ١٨٦٥ م قبل ولاية مدحت باشا وفي عهده شملت الأقضية والسناجق الهامة الأخرى في المنطقة ، ونظرا لأهمية كربلاء فقد كانت أول قصبة يتم فيها تنفيذ هذا المشروع.
لقد أدرك مدحت باشا أهمية كربلاء للمنطقة لذا عمل على تشكيل إدارة جيدة بها هذا إلى جانب الأعمال الإدارية فيها ، وكان مدحت باشا يسعى لتسيير الاتصالات في تلك المدن في أحسن شكل ، نظرا لكثرة الأهالي الإيرانيين والهنود الذين يفدون إليها بغرض الزيارة أو الإقامة (١) ، وقبل أن يسعى مدحت باشا في عمل التشكيل الإداري للمنطقة ، سعى أولا لتقوية البنية التحتية ، لذا طلب من الباب العالي عام ١٨٦٩ م الإذن بالسماح له بتأسيس مكتب تلغراف في كربلاء ، كما طلب وضع ماكينة
__________________
(١) BOA, I. Dh ٥٨٤٠٤, Lef : ٤, ٣٢ C ٥٨٢١; A. MKT. MHM ٠٢٤ / ٤٤, ٨٢ Ca ٥٨٢١; Ayniyat Defteri ١٥٨, s. ٢٤, Gurre B ٥٨٢١.