بدأت تتخذ بعض التدابير ضد مخططات ومشاريع الأوروبيين في المنطقة ، ولذا خطت الدولة منذ عام ١٨٧٠ م خطوات ثابتة وواضحة في هذا المجال بإنشائها خط سكك حديد بغداد ـ كربلاء وخط التلغراف وخط النقل النهري.
كان لدى إنجلترا رغبة شديدة في فرض نفوذها في المنطقة من خلال المشروعات التي سعت إلى تطويرها ، وأثناء حملة نابليون على مصر (١٧٩٨ ـ ١٨٠١ م) أعطى للعراق الواقع في مركز استراتيجي على طرق النقل أهمية كبرى من جهة التجارة الهندية الإنجليزية ، واضطرت إنجلترا إلى القيام بخطوات فعلية لتنفيذ مشروعاتها المذكورة لزيادة ثقل روسيا في المنطقة بعد توقيعها معاهدة تركمان جاي مع إيران عام ١٨٢٨ م ومعاهدة أدرنه مع الدولة العثمانية عام ١٨٢٩ م ولشعور إنجلترا بأن محمد علي باشا أصبح يمثل خطرا على مصالحها في خليج البصرة والعراق (١) ، وأدت المساعي التي قامت بها إنجلترا في المنطقة إلى جلب الصراع الروسي ـ الإنجليزي إلى الصراع العثماني ـ الإيراني الموجود سابقا على بسط النفوذ في كربلاء (٢) ، ويمكننا رؤية ذلك بشكل أفضل في حادثة كربلاء التي وقعت عام ١٨٤٠ م.
__________________
(١) el ـ Bustani ,a.g.t.,s.٧٨٢.
في بادئ الأمر جهزت انجلترا الأرضية الشرعية لمخططها في بغداد ، فاتفقت مع الدولة العثمانية في نوفمبر ١٨٠٢ م وافتتحت قنصلية لها في بغداد ، وبعد ذلك كسبت مسؤولية حماية السفن الانجليزية والتجارية والسياحية ، هذا بالاضافة إلى إعفاء السياسين والموظفين في القنصلية ومساعديهم من الضرائب المختلفة واكتسب السياسيون الحصانة وحرية التجول في الدولة عامة ولهم الحق في لبس كاب أبيض وحمل سيف في المناطق الخطرة.
(٢) إن هدف انجلترا الأصلي تأمين تأسيس اقصر خط تجاري بين بيريطانيا العظمى والهند هذا بالاضافة إلى منع نفوذ روسيا من الامتداد حتى العراق وخليج البصرة ،