وقد بدأ مشروع إنجلترا الخاص بالطرق المائية الموجودة في بغداد بإرسال القبطان تشيزني إلى هناك عام ١٨٣١ م بهدف عمل دراسة عن صلاحية الأنهار الموجودة هناك للنقل النهري ، فقد كانت إنجلترا تفكر في الوصول إلى مستعمراتها في الهند عبر خليج البصرة بواسطة نهر الفرات ، ووضعت في اعتبارها الوصول إلى المحيط الهندي عبر البحر المتوسط ثم الطريق البري ومنه إلى البحر الأحمر ومن هناك إلى المحيط ، وبناء على تقرير تشيزني رأت أنجلترا أن طريق الفرات أسهل ؛ فطلبت من السلطان العثماني الإمتياز بالسماح لها بتشغيل سفينتين في نهر الفرات ، وكان الباب العالي يعلم حقيقة هدف إنجلترا ورغبتها في تأسيس تنظيم استعماري لها في مدن وولايات الدولة العثمانية ، إلا أنها اضطرت للموافقة على هذا الطلب رغم مخالفته لمصالحها كي تتمكن من الحصول على دعم إنجلترا في مشكلة محمد علي باشا والي مصر الذي كان في حالة نزاع مع الدولة العثمانية (١) ، وقد حصلت إنجلترا على الموافقة عام ١٨٣٤ م ، وفي عام ١٨٣٦ م أرسلت السفينتين اللتين أطلق عليهما اسم «دجلة» و «الفرات» إلى المنطقة مفككتين عبر الطريق البري تحت إشراف القبطان تشيزني ، وبعدما أبحرت السفينتان بشهر غرقت السفينة دجلة ، أما السفينة الفرات فقد تمكنت من الوصول إلى خليج
__________________
إن المفتش تشزني الذي لمس هذا الأمر في قصر الهند قال ما يلي : «كما هو معروف إن المواصلات العسكرية التي سنمدها إلى الهند والمارة من إيران أو ما بجوارها ستتطلب تضحيات كبيرة لظروف الجو على الأقل ، ولكن من الممكن أن نرسل الجيش بكل سهولة إلى ميدان الحرب عن طريق نهر الفرات ، كما أن أهمية النقل السريع في الفرات لها قيمة لا جدال فيها ضد الخطر الروسي ، فهي تعد سدّا أمام العدو ، وخلف هذا السد ستروج تجارتنا ، الخلاصة أن في هذا الأمر فائدة للدول العربية ومستعمراتنا في الشرق.
el ـ Bustani, a. g. t., s. ٥٠٣.
(١) el ـ Bustani ,a.g.t.,s.٦٠٣.