البصرة بصعوبة (١) ، وقد سعى تشيزني أثناء عمله في المنطقة إلى كسب مساعدة العشائر الموجودة في المنطقة ، فأخذ دعم العشائر الكبرى مثل شمر وجربة وعنزة ، إلا أنه واجه رد فعل مخالف من العشائر الصغيرة لأسباب دينية واقتصادية ، وهناك رأى أن عشيرة منتفك وقفت ضد الإنجليز بسبب تحريض الفرنسيين لها (٢) وهذا يظهر لنا أن المنطقة أصبحت ساحة للصراع الدولي.
أدى اهتمام إنجلترا بنهري دجلة والفرات إلى اهتمام الدولة العثمانية بالنهرين ، كما أن ثورة القبائل العربية في سوريا والعراق ورغبة الدولة العثمانية في تأسيس آلية للمراقبة الشديدة في المنطقة ولجمع الضرائب بسرعة في وقتها يعد أيضا من الأسباب الرئيسية لاهتمام الدولة العثمانية بتلك الطرق المائية ، ولقد وقف كوزلوكلي رشيد باشا (١٨٦١ ـ ١٨٦٧ م) ومحمد نامق باشا (١٨٥٠ ، ١٨٦٠ ـ ١٨٦٧ م) وتقي الدين باشا (١٨٦٩ ـ ١٨٦٧ م) ـ الذين شغلوا منصب والي بغداد قبل مدحت باشا ـ على الأهمية الاقتصادية لولاية البصرة وأهمية الطريق المائي الذي تحدثنا عنه ، وكان هدفهم الأول هو إحياء مدينة بغداد التي كانت ذات بنية اقتصادية مغلقة على نفسها بسبب صعوبة مواصلاتها وحركة النقل بها ، لذا فإن تطوير وسائل المواصلات كان من أهم الإصلاحات التي تمت في بغداد اعتبارا من عهد رشيد باشا ، وأول الجهود التي بذلت في هذا الأمر هو تشكيل أسطول نصف رأس ماله من الدولة والنصف الآخر من أثرياء بغداد ، وكان الهدف من ذلك هو منافسة شركة لينش الإنجليزية الموجودة في المنطقة ، ولهذا صنع في ترسانة بلجيكا سفينتان باسم «بغداد» و «البصرة» لجلبهما إلى المنطقة ، وبعد وفاة رشيد باشا استمر
__________________
(١) Yucel ,a.g.m.,s.٧٧١ ـ ٨٧١.
(٢) el ـ Bustani ,a.g.t.,s.٧١٣.