فقط ، ولا يطمعون في أكثر من ذلك بسبب عجزهم عن توفيره (١) ، ولذا فإنهم يمتازون بالقناعة لعدم اعتيادهم على السعة والراحة ، وشرف القبيلة عندهم مقدم على المصالح الشخصية فلا يتعرضون لأبناء قبيلتهم لأنهم يعلمون جيدا أنهم مستعدون للتضحية بحياتهم من أجل أبناء القبيلة ولذا لا توجد صفة البخل بينهم ، وإن من أبرز سماتهم المتانة والشجاعة والجرأة ، ولأنهم قريبون للطبيعة فإن البساطة والنظافة والهدوء الذي في الطبيعة قد انعكس على نفسيتهم ، فهم أكثر إخلاصا وشفافية من الحضر (٢).
وقد تأثر ب. روسو الذي قام برحلة من بغداد إلى حلب عام ١٨٠٨ م بطبيعة حياة هؤلاء البدو وبآرائهم المتعلقة بالحياة ودوّن ذلك في رحلته التي كتبها ، ويرى روسو أنه يجب عدم الخلط بين البدو الذين عاشوا بالقرب من المدن المشتغلين بالزراعة والبدو الذين يعيشون في وسط الصحراء المحرومين من الزراعة والذين يمكنهم عمل أي شيء من أجل البقاء على قيد الحياة (٣).
إن البدوي لم يرقد تحت سقف قط ، قضى حياته كلها في ظل خيمة نسجها من الوبر وعلى ظهور الإبل ، والصحراء هي العامل الذي يوجه الحياة الاجتماعية وشخصية البدو لذا فإنهم اقتسموا تلك الصحراء ، وبقدر تحركات القبيلة يكون لها أرض يسمونها دراح أو (زراح) ، لذا نجد أن أغلب أسماء المناطق في الصحراء قد سميت بأسماء القبائل ، ويغير البدو أماكنهم تبعا لظروف الطقس والمناخ ؛ ولذا فهم لا يهابون الدخول في أراضي الغير لفترة مؤقتة حتى وإن كان ذلك بالقوة ، حتى إنهم في
__________________
(١) Ibn Haldun ,a.g.e.,s.٣٠٣.
(٢) Fayda ,a.g.m.,s.٤١٣.
(٣) Russoau ,a.g.e.,s.٦٢.