الظروف الصعبة ينهبون حدائق وبساتين الحضر الذين يعيشون في الواحات الصغيرة ، لذلك فإن الحضر يعطون للبدو الضريبة التي تسمى «ضريبة الأخوة» لينجوا من النهب ، والأسرة أو العائلة هي أقدس رباط عند البدو ، فأفراد الأسرة الواحدة دائما يتجولون مع بعضهم ويستخدمون أموالهم بشكل مشترك ، أما الرباط الوحيد لهذا المجتمع البدوي فهو القبيلة المكونة من تلك العائلات ، وأهم شيء يجعل البدو متيقظين دائما هو حركات السلب والنهب التي يقومون بها ضد بعضهم البعض ويطلقون عليها اسم غزوة ، وتتم تلك الغزوات بهدف الإغارة على خيام وقطيع قبيلة بدوية أخرى ، أو على أراضي الحضر المزروعة ، وأكثر حوادث النهب تكون للقوافل التجارية وقوافل الحج التي تمر من أراضيهم ، لدرجة أن الدول التي حكمت تلك المناطق ضاقت ذرعا من هذه الحركات التي يقوم بها البدو ، أما الدولة العثمانية فقد أمّنت سلامة الطريق المارّ من الصحراء بواسطة الأموال التي كانت تدفعها لهؤلاء البدو تحت اسم مخصصات العربان ، وبالرغم من ذلك لم يتخلّ عربان الصحراء عن تلك العادة التي تربوا عليها (١).
أما عن العشائر البدوية التي عاشت في العراق في الفترة التي نقوم بدراستها فلديهم خصائص مختلفة عن خصائص البدو التي ذكرناها سالفا ، فبدو الجزيرة العربية يتسمون بسرعة الحركة وصفاء النسب وغيرها من الصفات الحميدة ، ولأن البدو الذين اعتادوا على حياة الصحراء القاحلة علّموا أولادهم كيفية العيش على نباتات الصحاري وعلى الإبل أصبح طراز الحياة هذا طبيعة في طبائعهم ولا يقلبون اقتسامه مع أحد ، ولأن هؤلاء البدو اعتادوا على تلك الحياة الصعبة القاسية فإنهم لا يفرون منها برغم قدرتهم على ذلك ، ولهذا فليس من الخطأ القول بأن
__________________
(١) Kursun ,a.g.e.,s.١١ ـ ٤١.