فإنّ رواياتهم متضافرة في أنّ الأنصار اجتمعوا في السقيفة لبيعة سعد ساعة موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعلم أبو بكر وأصحابه ، فذهبوا ينافسونهم في الإمرة ، كما يدلّ عليه خطبة عمر التي بيّن فيها أنّ بيعة أبي بكر فلتة ، ورواها القوم ، منهم البخاري في « باب رجم الحبلى إذا أحصنت » من كتاب المحاربين (١).
وكيف يمكن أن تكون مبادرتهم إلى السقيفة أداء للوظيفة الشرعية؟! والحال أنّ تجهيز النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومراعاة حرمته أهمّ الواجبات ، وتأخير دفنه تلك المدّة أكبر الوهن به وبالإسلام! ولا يضرّ تقديم تجهيزه بأمر الإمامة ، ولا سيّما بناء على حسن ظنّ القوم بالصحابة وحكمهم بعدالتهم أجمع ، وصلابتهم في الدين كما تسمع!
فلا ريب أنّهم لم يؤخّروا دفن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مبادرة لواجب البيعة ، وإنّما أخّروه منافسة في الدنيا ، وانتهازا لفرصة مشغولية أمير المؤمنين عليهالسلام بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلمهم بأنّه لا يترك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا دفن ويأتي لمزاحمتهم!
ولو كانوا بذلك الاهتمام في أداء واجب البيعة فما بال عمر أباح تأخير البيعة في الشورى ثلاثة أيّام ، والنفر الّذين اختارهم للشورى ستّة ، ويمكنهم بتّ الأمر في يوم واحد أو ساعة واحدة ، ولا سيّما مع علمهم بالحال قبل موته؟!
ولو كانوا بذلك الاهتمام في أمر الإمامة الإلهيّة فلم لم يسألوا
__________________
(١) صحيح البخاري ٨ / ٣٠٠ ـ ٣٠٤ ح ٢٥ ، وانظر : مسند أحمد ١ / ٥٥ ، مصنّف عبد الرزّاق ٥ / ٤٣٩ ـ ٤٤٥ ح ٩٧٥٨ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٥٧٠ ح ٢ ، المعيار والموازنة : ٣٨ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ ح ٤١٥ ، الثقات ـ لابن حبّان ـ ٢ / ١٥٢ ـ ١٥٤ ، تاريخ دمشق ٣٠ / ٢٨١ ـ ٢٨٣.