كذبه بدعوى الموافقة لنا في قوله : « لا للاحتجاج على الخصم ؛ لأنّه موافق ».
ثمّ اعلم أنّ قولهما : « فمنعه الجمهور من المحقّقين » وقول الشارح :
« قبل ظهور المخالفين » (١) دليل على وجود القائل منهم بعدم عصمة الأنبياء عن الكبائر عمدا حال النبوّة.
كما صرّح الشارح بنسبة الخلاف إلى الحشوية ..
وصرّح ابن حزم في كلامه السابق بنسبته إلى الكرّامية والباقلّاني وأتباعه (٢) ..
واختاره الغزّالي في كلامه المتقدّم تبعا للقاضي (٣) ..
فعلم أنّ كثيرا من أهل السنّة قائلون بعدم عصمة الأنبياء حال النبوّة عن الكبائر عمدا ، فضلا عن السهو وعمّا قبل النبوّة ، فلا معنى لنسبة الخصم الأدلّة التي ذكرها إلى الأشاعرة على الإطلاق مع دعوى أنّهم استدلّوا بها على وجوب عصمة الأنبياء عن الكبائر سهوا وعمدا ، ولا سيّما وقد ذكرها في « المواقف » وشرحها إلى تمام تسعة أدلّة ، نسبها الشارح إلى الرازي (٤).
ثمّ أوردا عليها بقولهما : « وأنت تعلم أنّ دلالتها في محلّ النزاع ، وهي عصمة الأنبياء عن الكبيرة سهوا ، وعن الصغيرة عمدا ، ليست
__________________
(١) شرح المواقف ٨ / ٢٦٤.
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ٢٨٤.
(٣) تقدّم في الصفحة ٣٠ ـ ٣١ عن المنخول من تعليقات الأصول : ٢٢٤.
(٤) المواقف : ٣٥٩ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٥ ـ ٢٦٧ ، وانظر : الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ١١٧ ـ ١٢٢.