بالقويّة » (١).
فظهر أنّه لا وفاق بيننا وبين الأشاعرة في عصمة الأنبياء ؛ لأنّا نقول بعصمتهم عن الذنوب مطلقا ، صغيرة وكبيرة ، عمدا وسهوا ، قبل النبوّة وبعدها ؛ وجمهورهم لا يثبتون لهم عصمة عن الذنوب مطلقا قبل النبوّة ، وعن الصغائر مطلقا والكبائر سهوا بعد النبوّة ، وبعضهم لا يثبت لهم عصمة عن الكبائر عمدا بعد النبوّة!
بل عرفت أنّ بعضهم أجاز عليهم الكفر حتّى بعد النبوّة (٢) ، فكيف يكون بيننا وبينهم وفاق ، لا سيّما والقائل منهم بعصمة الأنبياء في الجملة إنّما يقول بها سمعا لا عقلا ، كما عرفته في الكلام الذي أخذه الخصم من « المواقف » وشرحها (٣).
وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق هذه الأدلّة وغيرها عند ذكر المصنّف لها.
وقد أقرّ الخصم باقتضاء ما عدا الدليل الثاني لعصمتهم عن كلّ الذنوب حتّى الصغائر ، لكنّه أراد مطابقة مذهبه فزعم وجود دليل آخر على عدم عصمتهم عن الصغائر ، وهو كما يستفاد من كلامه أمور :
الأوّل : العفو عن الصغائر عند اجتناب الكبائر.
الثاني : إنّ الأنبياء بشر ، والبشر بمقتضى طباعهم عدم خلوّهم من الذنوب.
الثالث : إنّ الصغائر لا تخالف ملكة العصمة ، فلا مؤاخذة فيها.
__________________
(١) المواقف : ٣٦١ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٧.
(٢) انظر الصفحتين ٣٠ و ٣٣ من هذا الجزء.
(٣) راجع : الصفحة ٣٥ ، وانظر : المواقف : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٤.