وقال في مكان آخر إن زرفامية قرية كبيرة من نواحي قوسان وهي نواحي الزاب الأعلى الذي بين واسط وبغداد وهي الآن خراب ليس إلا آثارها (١).
يتبين من هذين النصين أن هناك تناقضا في كلام ياقوت ، فمرة يجعل زرفامية من أعمال واسط ، ومرة يجعلها من أعمال قوسان. فمن المحتمل جدا أن المعلومات التي جاءت في النص الأول هي ناقصة ، وأن النص الكامل هو «عند زرفامية» لأنه لا توجد أية إشارة أو دليل على أن أعمال واسط شملت هذه المنطقة. ثم إن كلامه عن البطائح والطيب غير واضح ، فهل أن البطائح والطيب من واسط أم لا؟ كما أننا لم نجد عنده ما يوضح موقع الخيثمية مما يدل على أنها كانت مندثرة في زمنه ، ويرجع سبب هذا التناقض وعدم الوضوح في كلامه ـ على ما نظن ـ إلى أنه اعتمد في معلوماته هذه على جغرافيين سابقين له كانوا غير دقيقين في وصفهم لهذه المنطقة.
يتضح مما تقدم أن حدود منطقة واسط في فترة دراستنا لم تكن ثابتة ، بل تبدلت مرات عديدة ، وأن كلام هؤلاء البلدانيين عنها كان ينطبق على أحوال الزمن الذي عاشوا فيه ، وأن ما جاء عند المقدسي وياقوت يبين أوسع ما وصلت إليه حدود ولاية واسط خلال هذه الفترة.
وسنحاول إعطاء صورة لحدود ولاية واسط معتمدين على ما جاء في النصوص التي تقدم ذكرها وعلى النصوص التي وردت في التقسيم الإداري لمنطقة الولاية متبعين في ذلك مواضع المدن التي تشكل الحدود الخارجية للمنطقة ، فالولاية يحدها خط يبدأ من مدينة نهر سابس ثم يسير شمالا إلى ماذرايا ثم يسير شرقا إلى الطيب ثم إلى قرقوب ثم يتجه وجهة جنوبية إلى نهر تيرى ، وبعد ذلك يسير غربا ـ بعد أن يدور حول بطائح واسط (٢) ـ إلى
__________________
(١) معجم البلدان ، ٣ / ١٣٧.
(٢) وهي البطائح التي تقع بين واسط والبصرة. انظر الخارطة المرفقة في نهاية الفصل.