عادتهم (١). وكان غالبا ما يرافق هذه الفتن الكثير من القتل ، والنهب والحرق والتخريب (٢).
وهكذا نجد أن الأجانب في هذه الفترة كانوا قد اتبعوا سياسة قائمة على تفرقة أبناء الشعب لكي يحكموا فترة أكثر. فكانوا يناصرون مذهب على حساب مذهب آخر ، فأدى ذلك إلى قيام الفتن والخصومات بين أصحاب المذاهب المختلفة وإضعافهم وبالتالي إلى استمرار السيطرة الأجنبية عليهم.
ومما هو جدير بالذكر هو أن السنة ـ على ما يبدو ـ كانوا يمثلون أكثرية السكان بواسط ، وأن السيادة المذهبية كانت لهم ، فالمدارس كانت مخصصة لتدريس الفقه الشافعي والحنفي (٣) ، كما أن القضاة والغالبية العظمى من الفقهاء والعلماء والقراء والمحدثين والأدباء والشعراء كانوا ينتمون إلى المذهب السني (٤) ، وكان غالبية العامة يدينون بهذا المذهب (٥).
ويظهر أن الشيعة بواسط كانوا قد تجمعوا في بعض المحلات من المدينة ، فقد ذكر ابن الجوزي أنه عندما وقعت الفتنة بين السنة والشيعة سنة ٤٠٧ ه / ١٠١٦ م ، نهبت وأحرقت محلات الشيعة والزيدية (٦). إلا أن المصادر لم تزودنا إلا باسم محلة واحدة هي محلة الزيدية (٧) التي لا يعرف
__________________
(١) ن. م ، ١٢ / ٤٢٤.
(٢) انظر : ابن الجوزي ، المنتظم ، ٧ / ٢٧٣. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٩٥. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٤ ، ج ١٩ ، ورقة ٦٦٦.
(٣) انظر : الفصل الخامس.
(٤) ن. م.
(٥) انظر : المقدسي ، أحسن التقاسيم ، ١٢٦. سؤالات السلفي ، ٨٣ ـ ٨٨. ياقوت ، معجم الأدباء ، ١ / ١٥٤. القفطي ، إنباه الرواة ، ١ / ١٦٧ ، ١٦٨.
(٦) المنتظم ، ٧ / ٢٨٣.
(٧) سؤالات السلفي ، ٨٣. ياقوت ، معجم البلدان ، ١ / ١٥٤. القفطي ، إنباه الرواة في إنباه النحاة ، ١٦٨.