الأموي وذلك لأن أهل السواد سكنوا واسط في أواخر هذا العصر كما تشير المصادر (١) ، إلا أن عددهم ـ على ما يبدو ـ كان قليلا لأن واسط كانت محاطة بسور ولا تستوعب عددا كبيرا من السكان للسكن فيها إلى جانب سكانها الأصليين. وأغلب الظن أن هؤلاء كانوا قد تعلموا اللغة العربية قبل أن يسكنوا بواسط وذلك لحاجتهم إليها لمعرفة الدين الجديد ولأنها لغة الدولة والثقافة. أما الموالي بواسط فالظاهر أنهم كانوا قد تعلموا اللغة العربية وأتقنوها فقد أشارت المصادر إلى أن عددا كبيرا منهم كان من كبار المحدثين بواسط (٢).
أما العامل الثاني ، فإننا نجد في هذه الفترة إشارات إلى القراء والمحدثين ، فقد شهد المسجد الجامع بواسط حلقات قراءة القرآن الكريم منذ إنشائها ، كما كان الاهتمام بالحديث أهم ما يميز الحركة الفكرية في هذه المدينة (٣) كما نجد إشارات إلى الكتاب والمؤدبين الذين كانوا يعلمون الصبيان إضافة إلى القراءة والكتابة والقرآن الكريم والأحاديث ومبادىء العربية عن طريق دراسة الشعر والأدب ، وذلك للحفاظ على تلاوة القرآن الكريم وسلامة لغته والحديث الشريف (٤).
وأغلب الظن أن هؤلاء القراء والمحدثين والكتّاب والمؤدبين كانوا يجعلون قراءات القرآن الكريم والأحاديث مصادر مهمة يستندون إليها في معرفة القواعد النحوية. هذا وقد رحل البعض منهم إلى بغداد وسمعوا
__________________
(١) تاريخ واسط ، ٤٦. انظر : واسط في العصر الأموي ، ١٥٨.
(٢) انظر : بحشل ، تاريخ واسط ، ٨٦ ، ٨٩ ، ١٠١ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢٧. ابن سعد ، الطبقات ، ج ٧ ، ق ٢ ، ٥٩ ـ ٦٣. ابن حبان ، مشاهير علماء الأمصار ، ١٧٦ ـ ١٧٨. الخطيب ، تاريخ بغداد ، ١٢ / ٢٤٧ ، ١٣ / ٢٦٤ ، ٤٦٠ ، ١٤ / ٨٥ ، ٣٣٧. ابن الجوزي ، صفة الصفوة ، ٣ / ١١ ـ ٢٠. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٩ / ٢٨٠.
(٣) انظر : العلوم الدينية في هذا الفصل.
(٤) انظر : الكتاتيب.