يرد الحضرة ويعمل ما شاء فإني أرجو أن أكفى أمره» (١) ، ومن المحتمل جدا أن الخليفة اتخذ هذا الموقف ، لأنه كان غير قادر على دفع المال الذي طلبه البريدي من جهة (٢) ، ثم إنه أدرك أن البريدي أصبح بعد موت بجكم هو الرجل الثاني في الدولة العباسية الذي يأتي بعد الخليفة.
جهز البريدي جيشه وسار نحو بغداد ، فدخلها بدون مقاومة في يوم الثلاثاء ٢ رمضان سنة ٣٢٩ ه / ١ حزيران ٩٤٠ م (٣) ، فأسند إليه الخليفة منصب الوزارة (٤).
لم تطل مدة إقامة البريدي ببغداد ، فقد تمرد جيشه عليه مطالبين بالأموال وانضمت إليهم العامة ، فدارت معركة في الماء هزم فيها أصحاب البريدي ، فاضطر للرجوع إلى واسط بعد أن مكث في الوزارة ٢٤ يوما (٥).
ولما أسند الخليفة المتقي لله إمرة الأمراء إلى كورتكين الديلمي الذي قاد الجيش ضد البريدي ، أرسل ابن أخته أصبهاني الديلمي على رأس جيش إلى واسط للاستيلاء عليها ، فلما بلغت البريديين أنباء هذا الجيش غادروا واسط ، وساروا نحو البصرة وأقاموا بها (٦).
__________________
(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣.
(٢) ن. م ، ٢ / ١٣.
(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣ ، ١٤. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٢ ، ١٢٣. العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٣. إلا أنه يذكر أن البريدي دخل بغداد في ١٢ رمضان.
(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٥. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٣. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٣.
(٥) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٠٣ ، مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٧. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٣ ، ١٢٤. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٤.
(٦) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٠٤. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٤. إلا أن مسكويه والهمداني يذكران أن قائد الجيش هو «أصبهان». العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٦.