عن رأيه في الاستيلاء على واسط وكتب إلى توزون يهنئه بالإمارة ويطلب منه أن يقلده ضمان واسط ويحثه على المسير إلى بغداد لأخذها من الحمدانيين ، فأجابه توزون جوابا جميلا حيث قال : «إذا استقرت الأمور تخاطبنا في الضمان ، فأما وأنا بصورتي هذه وأنت تظن أني مطلوب خائف من بني حمدان فلا وعسكري ، عسكر بجكم الذي قد جربت وخبرت وطائفة منهم تفي بك» (١).
أراد البريدي أن يستغل الخلاف القائم بين توزون وخجخج والاستفادة منه فحاول التقرب من خجخج لعزله عن توزون وكسبه إلى جانبه (٢) ، ومع أننا لم نجد ما يشير إلى أي اتفاق بين البريدي وخجخج نجد أن توزون قد قبض على خجخج في عسكره ، وسمل عينيه ثم سجنه بواسط (٣).
وفي اعتقادنا أن توزون قام بعمله هذا لأنه خاف أن يغدر خجخج به ويتفق مع البريديين ضده ، فأبعده عن قيادة الجيش ، فحال دون قيام أي محاولة تعرضه للخطر هذا من جهة ، أما من الجهة الأخرى فإنه أراد أن يتخلص من أخطر المنافسين له على السلطة بواسط وذلك ليأمن مؤخرته قبل أن يتوجه إلى بغداد لأخذها من الحمدانيين (٤).
عندما استقر الأمر لتوزون بواسط توجه على رأس جيش نحو بغداد ، بعد أن خلف كيغلغ على واسط ، فلما علم سيف الدولة غادر بغداد متوجها
__________________
(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧.
(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧.
(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧ ، ٣٩٨.
(٤) لما علم سيف الدولة بالخلاف الذي وقع بين توزون وخجخج بواسط ، رجع إلى بغداد على رأس جيش وطلب من الخليفة مالا ووعده أن يقاتل توزون إذا سار نحو بغداد ، فدفع له الخليفة ٠٠٠ ، ٤٠٠ درهم. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٤.