سيف الدولة أراد أن يحول دون استيلاء البريديين على هذه المدن مرة أخرى (١).
لم يكتف الأتراك بعدم تنفيذ هذا الاتفاق بل ثاروا على سيف الدولة ليلة ٣٠ شعبان سنة ٣٣١ ه / ١٠ مارس ٩٤٢ م ، ويظهر أن سيف الدولة كان قد أدرك تحرّج موقفه وضعفه ، فهرب إلى بغداد ، فأضرموا النار في معسكره ونهبوه (٢). ولما علم أمير الأمراء ناصر الدولة بأخبار أخيه ترك بغداد متوجها على رأس جيشه إلى الموصل ، وبذلك انتهت إمارته التي استمرت أكثر من ثلاثة عشر شهرا (٣).
ومن الجدير أن نذكر هنا أنه عندما ترك سيف الدولة واسطا وقع خلاف بين توزون وخجخج وتنازعا الرئاسة ، ولكنهما اتفقا على أن يكون توزون الأمير وخجخج صاحب الجيش (الاسفهسلار) (٤).
أما البريدي فإنه خرج من البصرة على رأس جيش وتوجه نحو واسط للاستيلاء عليها ، فلما بلغت أنباء هذا الجيش إلى توزون ، أمر خجخج بالخروج على رأس جيش والإقامة بنهر أبان (٥) لملاقاته (٦). ويظهر أن البريدي عندما بلغه استعداد توزون لصده أراد أن يتبع سياسة أخرى ، فعدل
__________________
(١) يذكر الصولي أنه في أثناء اختلاف توزون مع سيف الدولة استولى البريديون على الجامدة إلا أن سيف الدولة وجه جيشا أخرجهم منها. الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٣٣ ، ٢٣٩ ، ٢٤٠.
(٢) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٣٩. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٠ ، ٤١. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٣٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦. ويذكر مسكويه أن سيف الدولة مكث بواسط أحد عشر شهرا. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٥١.
(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤١. الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٣٩.
(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤١ ، ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧.
(٥) نهر أبان : إحدى مدن واسط ، انظر : الفصل الثالث.
(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٤٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٧.