فإن الروايات التاريخية تختلف في ذلك ، فالصولي يرى أن الخليفة المتقي لله كتب إلى توزون بواسط يطلب منه الإيقاع بالحمدانيين ، فاستجاب له وأخرج سيف الدولة من واسط ، ثم كتب توزون إلى الخليفة يخبره أنه أوقع بسيف الدولة ليريح الله الخليفة من ناصر الدولة ببغداد (١) ، في حين يرى مسكويه ، والهمداني ، وابن الأثير (٢) أن أمير الأمراء ناصر الدولة تأخر في إرسال الأموال من بغداد إلى واسط لإنفاقها على الجيش هناك ، فتذمر الديالمة والأتراك ومما يرون من أسباب هو أن سيف الدولة كان يحث الأتراك الذين معه بواسط على المسير معه إلى بلاد الشام ومصر للاستيلاء عليها وإقامة دولة هناك إلا أنهم رفضوا.
حاول الديالمة قتل سيف الدولة ، ولكن محاولتهم هذه باءت بالفشل ، حيث استطاع القبض عليهم وإرسالهم إلى أخيه ببغداد فقتل بعضهم وحبس البعض الآخر (٣). أما الأتراك فقد اتفق سيف الدولة معهم على مسير توزون على رأس جيش إلى الجامدة والاستيلاء عليها وحمايتها مقابل أخذ واردها ، ومسير خجخج إلى المذار والاستيلاء عليها وحمايتها وأخذ واردها (٤). والراجح أن سيف الدولة أراد بهذا الاتفاق أن يبعد الأتراك عن واسط ، ويقضي على التذمر الموجود عندهم لقاء تأخر الأموال عنهم بإيجاد مصدر آخر لأرزاقهم ، وهو واردات هذه المدن ، وأن يحول دون تعاون الأتراك مع الديالمة الذين نكل بهم بعد تآمرهم عليه والذين ـ بدون شك ـ كانوا يحاولون بشكل أو بآخر التخلص منه بأقرب فرصة ممكنة. ثم إن
__________________
(١) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٤٧ ، ٢٨١.
(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٩. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٣٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦.
(٣) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٢٩ ، ٢٣٨. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦.
(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٣٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٩٦. انظر : الصولي ، ٢٣٣ ، ٢٣٦.