أما الملك أبو كاليجار فقد أرسل إلى بغداد أموالا فرقت على الجند وأولادهم ، كما أرسل إلى الخليفة القائم بأمر الله عشرة آلاف دينار ومعها هدايا كثيرة ، ثم سار إلى بغداد ودخلها في رمضان سنة ٤٣٦ ه / آذار ١٠٤٤ م (١).
والظاهر أن جند واسط في أواخر العصر البويهي كانوا قد استغلوا الصراع القائم بين أبناء البيت البويهي وضعف دولتهم (٢) فتمردوا على أوامر السلطة المركزية ببغداد ، ففي سنة ٤٤١ ه / ١٠٤٩ م أقطع الملك الرحيم أراضي من إقطاع أهل واسط إلى نور الدولة دبيس بن مزيد الأسدي ، فلما علم جند واسط بذلك كتبوا إلى نور الدولة يحذرونه ويطلبون منه التخلي عنها (٣). إلا أن نور الدولة كان قد انتهز فرصة اضطراب الأوضاع العامة ببغداد فأراد أن يوسع حدود إمارته (٤) ، فأجابهم بقوله «إن الملك أقطعني هذا ، فنرسل إليه أنا وأنتم ، فبأيّ شيء أمر رضينا به» (٥) ، ولكن الواسطيين لم يقنعوا بهذا الجواب ، وأصروا على إخراج نور الدولة من إقطاعاتهم ، فساروا إليه لقتاله ، فكمن لهم جيش نور الدولة وفاجأهم بالهجوم ، فقتلوا وأسروا عددا كبيرا منهم ، وعادوا منسحبين إلى واسط ونزلوا بالقرب منها (٦).
ومما تجدر الإشارة إليه هو أن جند واسط كانوا قد استنجدوا بجند
__________________
(١) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٥٢٤ ، ٥٢٥.
(٢) انظر تفاصيل ذلك في : ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٥٤٨ ، ٥٥١ ، ٥٥٥ ، ٥٦٠ ، ٥٦٣ ، ٥٧٣ ـ ٥٧٥. فاضل الخالدي ، الحياة السياسية ونظم الحكم في العراق ، ٦٢ ـ ٦٤.
(٣) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٥٥٨.
(٤) عبد الجبار ناجي ، الإمارة المزيدية ، ٨٤.
(٥) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٥٥٨.
(٦) ن. م ، ٩ / ٥٥٧ ، ٥٥٨. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ١ ، ج ٢٠ ، ورقة ٧٠.