وفي سنة ٤٩٥ ه / ١١٠١ م راسل جماعة من عسكر واسط والي البصرة إسماعيل بن سلانجق واستدعوه لتسليم المدينة إليه ، فتقدم نحو واسط ، ولما وصل إلى نهر إبان كاتبهم بتسليم المدينة ، إلا أن عسكر واسط حسبما قاله ابن الأثير امتنعوا من ذلك (١). وأغلب الظن أن هذا لم يكن السبب الحقيقي لمسير إسماعيل ومحاولته الاستيلاء على واسط ، بل كان عاملا مشجعا له ، فإن إسماعيل بعد أن تغلب على أمراء البطيحة سنة ٤٩١ ه / ١٠٩٧ م ، وامتدت سلطته إلى «مطارا» (٢) أراد أن يوسع نفوذه وسلطته وذلك باستيلائه على واسط ، فانتهز في هذه السنة فرصة خروج بركيارق من واسط ، ونشوب النزاع بينه وبين أخيه في المشرق وضعف الخلافة ببغداد ، فأراد أن يستفيد من هذه الأوضاع ويحقق طموحاته ، والدليل على ذلك هو أنه واصل سيره نحو واسط ، على الرغم من عدم رضا أهل المدينة ، وأقام في الجانب الشرقي منها ، فلما راسل أهل واسط بتسليم المدينة إليه امتنع هؤلاء وخرجوا لملاقاته ، فدارت معركة بين الفريقين خارج واسط هزمت فيها قوات إسماعيل وعاد منسحبا إلى البصرة دون أن يحقق الهدف الذي جاء من أجله (٣).
ولما عاد النزاع على السلطة بين بركيارق وأخيه السلطان محمد ، أعدّ بركيارق في سنة ٤٩٦ ه / ١١٠٢ م جيشا وأسند قيادته إلى كمشتكين القيصري ، وأمره بالمسير إلى بغداد والاستيلاء عليها وإعادة الخطبة له فيها ، فلما دخل القيصري بغداد تولى منصب الشحنة فيها ، وأمر بإقامة الخطبة إلى بركيارق (٤). أما إيلغازي شحنة السلطان محمد ، فقد سار إلى
__________________
(١) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٣٣٩.
(٢) انظر : ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٣٣٩. مطارا : من قرى البصرة على ضفة دجلة والفرات في ملتقاهما بين المذار والبصرة. معجم البلدان ، ٥ / ١٤٧.
(٣) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٣٣٩ ، ٣٤٠.
(٤) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٣٥٥. ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ١٣٤.
العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٣ ، ج ٢٠ ، ورقة ٥٥٩.