والجدير بالذكر هنا هو أن مهذب الدولة كان قد عجز عن دفع مال الضمان إلى صدقة لأن أولاده وأصحابه «مدوا أيديهم في الأموال ، وفرطوا فيها ، وفرقوها» فحبسه صدقة ، ثم ضمن واسطا إلى حماد بن أبي الجبر ابن عم مهذب الدولة (١).
لقد بقيت واسط ضمن ممتلكات صدقة حتى سنة ٥٠١ ه / ١١٠٧ م ، ففي هذه السنة حدث خلاف بينه وبين السلطان محمد (٢) ، فأعدّ السلطان جيشا وأسند قيادته إلى الأمير محمد بن بوقا التركماني ، وأمره بالمسير إلى واسط والاستيلاء عليها ، فلما دخل ابن بوقا واسط أخرج نائب صدقة عنها ثم أمنّ أهلها عدا أصحاب صدقة ، فغادر هؤلاء واسط وتفرقوا (٣).
ولما بلغت هذه الأخبار إلى صدقة سير جيشا إلى واسط بقيادة ابن عمه ثابت بن سلطان ، فخرج ابن بوقا لملاقاته ، فالتقى الفريقان عند «نهر سالم» ودارت بينهما معركة حامية انتهت بهزيمة ثابت وقتل وأسر منهم الكثير (٤). ثم سار كل من جيش ابن بوقا وثابت إلى واسط محاولين السيطرة عليها ، فقاموا بنهب المدينة ، إلا أن ابن بوقا أمرهم بالكفّ عن أعمال النهّب ، وأمن الناس (٥). وفي أواخر جمادى الأولى من هذه السنة أقطع السلطان محمد واسط إلى قسيم الدولة البرسقي ثم أمر ابن بوقا بالمسير إلى بلاد صدقة للاستيلاء عليها (٦).
__________________
(١) ن. م ، ١٠ / ٤٣٥. ن. م ، ق ٣ ، ج ٢٠ ، ورقة ٦١١.
(٢) عن أسباب هذا الخلاف انظر : ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ١٥٦ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٤٤٠ ، ٤٤٣.
(٣) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٤٤٣. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٣ ، ج ٢٠ ، ورقة ٦٢١.
(٤) ن. م ، ١٠ / ٤٤٤. نهر سالم : هو من أنهار منطقة واسط. عماد الدين الأصبهاني ، خريدة القصر ، ج ٤ ، م ١ ، ١٩٣.
(٥) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٤٤٤.
(٦) ن. م ، ١٠ / ٤٤٤.