عندما بويع المسترشد بالله بالخلافة سنة ٥١٢ ه / ١١١٨ م سار أخوه أبو الحسن إلى دبيس بن صدقة صاحب الحلة وأقام عنده. فلما علم الخليفة كتب إلى دبيس بتسليمه إليه (١). غير أن أبا الحسن سار من الحلة إلى واسط في ١٢ صفر سنة ٥١٣ ه / ٢٦ مايس ١١١٩ م واستولى عليها ، ثم دعا لنفسه بالخلافة فبايعه عسكر واسط ، وبذلك تعزز مركزه (٢). ثم خرج من واسط على رأس جيش واستولى على منطقة واسط ، وطرد موظفي الخليفة منها وجمع الضرائب ، فلما علم الخليفة بعث كاتبه ابن الأنباري إلى دبيس يطلب منه القضاء على فتنة أخيه (٣). استجاب دبيس لطلب الخليفة وسيّر صاحب جيشه «عنان» على رأس جيش كبير إلى واسط ، فلما علم أبو الحسن رحل عن واسط وسار بعسكره ليلا ، فضلوا الطريق ، وسار في أثرهم عسكر دبيس ، فالتقوا بهم عند «الصلح» فنهب عسكر أبي الحسن ، وهرب أصحابه ، والتحق جماعة منهم بعسكر دبيس وأسر أبو الحسن ، فلما مثل بين يدي دبيس أمر بتسليمه إلى الخليفة (٤).
ويبدو أن ولاية واسط بعد هذه الحادثة أصبحت من ممتلكات دبيس ابن
__________________
(١) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ١٩٨. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٥٣٧. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ١٢ / ١٨٢. وقد ذكر الدكتور عبد الجبار ناجي أن المستظهر هو الذي خالف أخاه ، والصحيح أن المستظهر هو والد الأخوين. الإمارة المزيدية ، ١٤٤ ، ١٤٥.
(٢) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ٢٠٤. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٥٣٨. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٤ ، ج ٢٠ ، ورقة ٧٣٠.
(٣) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ٢٠٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٥٣٨. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٤ ، ج ٢٠ ، ورقة ٧٣٠.
(٤) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ٢٠٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٥٣٨. وأضاف هذا المصدر : «ولما دخل على المسترشد بالله قبل قدمه ، وقبله المسترشد وبكيا ، وأنزله دارا حسنة كان هو يسكنها قبل أن يلي الخلافة ، وحمل إليه الخلع والتحف الكثيرة ، وطيب نفسه وأمنه» ١٠ / ٥٣٩. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ١٢ / ١٨٢.