صدقة صاحب الحلة ، فقد ذكر سبط ابن الجوزي أن وزير السلطان محمود أشار على السلطان بمنح دبيس ولاية واسط والبصرة (١) ، ومع أن الرواية لا تنص على موافقة السلطان إلا أنه يظهر من الأحداث السياسية التالية في هذه الولاية ، أن السلطان كان قد وافق على المشورة التي تقدم بها وزيره إليه ، فقد روى ابن الأثير أنه في سنة ٥١٦ ه / ١١٢٢ م وجه دبيس جماعة من أصحابه إلى إقطاعهم بواسط ، فلما وصل هؤلاء منعهم أهل واسط ، فلما بلغ هذا النبأ دبيسا أعدّ جيشا ، وأسند قيادته إلى مهلهل بن أبي العسكر ، فخرج قاصدا واسط ، وكان أهل واسط قد استنجدوا بالأمير آقسنقر البرسقي فأمدهم بجيش من بغداد ، فدارت بين الفريقين معركة في ٨ رجب من هذه السنة انتهت بهزيمة قوات مزيد وأسر قائدهم ، وقتل أكثر من ألف منهم (٢).
وقد واصل جيش واسط السير لمحاربة جيش مزيد والاستيلاء على ممتلكاته فأوقعوا بهم هزيمة أخرى عند «النعمانية» واستولوا عليها وأقاموا فيها (٣). وفي شعبان سنة ٥١٦ ه / تشرين أول ١١٢٢ م أقطع السلطان محمود الأمير آقسنقر البرسقي مدينة واسط وأعمالها ، فسيّر البرسقي إليها عماد الدين زنكي متقلدا لها في هذا الشهر وأمره بحمايتها (٤).
عندما أدرك الخليفة المسترشد بالله اتساع نفوذ دبيس ، وأن الحكم السلجوقي قد تطرق إليه الضعف من جراء المنازعات التي قامت بين
__________________
(١) مرآة الزمان ، ج ٨ ، ق ١ ، ٧٢.
(٢) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٦٠٠ ، ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ٢٣٧. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٤ ، ج ٢٠ ، ورقة ٨٠٨.
(٣) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٦٠٠.
(٤) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٦٠٥. الباهر في الدولة الأتابكية ، ٢٥. أبو الفداء ، المختصر في أخبار البشر ، ٤ / ١٥٧. ابن الوردي ، تاريخ ، ٢ / ٣١. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٤ ، ج ٢٠ ، ورقة ٨١٢.
ويقول ابن كثير ، إن عماد الدين : «أحسن السيرة بها وأبان عن حزم وكفاية» البداية والنهاية ، ١٢ / ١٩٠. انظر : أبو شامة ، الروضتين ، ١ / ٧٣.