والظاهر أن الخلفاء العباسيين بعد أن تخلصوا من النفوذ الأجنبي انصرفوا لغرض سيطرتهم على مدن العراق ، والتخلص من الولاة الذين كانوا يشكون في ولائهم لهم ، ففي سنة ٥٥٩ ه / ١١٦٣ م أمر الخليفة المستنجد بالله بقتل «منكوبرس» صاحب البصرة ، فلما قتل سار صهره «ابن سنكا» إلى البصرة في سنة ٥٦١ ه / ١١٦٥ م واستولى عليها ، ثم واصل سيره في هذه السنة إلى واسط ونهب سوادها ، فلما علم «خطلبرس» والي واسط خرج بعساكره لملاقاته ، غير أن ابن سنكا استطاع أن يستميل إلى جانبه جماعة من الأمراء الذين كانوا مع خطلبرس. فلما تقاتل الفريقان هزم عسكر خطلبرس وقتل «وأخذ ابن سنكا علم خطلبرس فنصبه ، فلما رآه أصحابه ظنوه باقيا ، فجعلوا يعودون إليه ، وكل من رجع أخذه ابن سنكا فقتله أو أسره» (١).
وفي سنة ٥٦٢ ه / ١١٦٦ م عاد ابن سنكا فقصد البصرة واستولى عليها ، فلما تقدم إلى مطارا خرج إليه كمشتكين والي البصرة بعساكره للقائه ، فاشتبكا في معركة حامية انتهت بهزيمة كمشتكين وذهابه إلى واسط (٢) فلما وصلها اتفق مع ناظرها شرف الدين أبي جعفر بن البلدي ، ومقطعها ارغش المسترشدي على قتال ابن سنكا (٣).
ويبدو أن ابن سنكا بعد أن انتصر على كمشتكين سار إلى واسط للاستيلاء عليها ، فلما بلغه نبأ الاتفاق عدل عن المسير إلى واسط وعاد إلى البصرة ، فقد قال ابن الأثير بهذا الصدد «واتصلت الأخبار بأن ابن سنكا
__________________
(١) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٢٢ ، ٣٢٣. وابن سنكا : هو ابن أخي شملة التركماني صاحب الأحواز آنذاك. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٢٢. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٢ ، ج ٢١ ، ورقة ٣٩٩.
(٢) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٢٨. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٢ ، ج ٢١ ، ورقة ٣٩٩.
(٣) ن. م ، ١١ / ٣٢٨. ن. م ، ق ٢ ، ج ٢١ ، ورقة ٣٩٩.